أصبحت منعزلا كثير الخمول دائم التشاؤم

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

هذه أول مرة أراسل موقعكم، والحقيقة أني ترددت قبل ذلك لسببين، أولهما: أني لم أحدد بعد ما أشكو منه؛ أهو اكتئاب أو قلق وتوتر، أو سحر وعين؟

وثانياً: وبالمراجعة المستمرة لموقعكم، حاولت مساعدة نفسي بالاعتماد على إحدى الأدوية التي تصفونها لحالات مماثلة نوعا ما لحالتي، ولكن لكثرة أسماء الأدوية احترت في اختيار الدواء ومدة العلاج.

أما بالنسبة لحالتي؛ فكما قلت لم أستطع أن أحدد نوع حالتي.

أبلغ من العمر 36 سنة، وأعيش وحيدا بعد وفاة والدتي بالتبني منذ أربع سنوات، وقبلها بسنتين أختي بالتبني، أما والدي بالتبني فتوفي قبل أكثر من 20 سنة.

والحقيقة أني منذ الطفولة والمراهقة لم أكن أحب الاختلاط كثيرا بالناس، وإذا حل ضيوف بالمنزل أختبئ منهم ولا أحب التحدث إليهم، وإذا اضطررت لذلك أحس بالخجل وعدم القدرة على الرد عندما يسألني أحد.

ولكن رغم حبي للوحدة والانعزال، إلا أني كنت نشيطا، أمارس الرياضة، وأحب المطالعة، لكن منذ ثلاث سنوات تعرضت لأزمة نفسية بعد انتهاء علاقة حب بيني وبين فتاة كنت أحبها بجنون، وزواجها من شخص آخر.

منذ ذلك الحين وإلى الآن زادت عزلتي، وأصبحت أكثر خمولا، ولا رغبة لي بفعل أي شيء، حتى أني لم أعد أهتم بمظهري الخارجي، ودائم التشاؤم، سريع الغضب، لدي نقص في التركيز وضعف كبير في الشهية والوزن.

وإذا حدث لي خصام أو موقف سيئ مع شخص آخر؛ فهذا الموقف يظل أمام عيني لأيام.

أما النوم فهو مضطرب منذ سنوات، خصوصاً أني أعمل كحارس أمن خاص ليلا.

المشكلة هي أني أحس بهذا التغير السلبي في حياتي، ولكن كلما عزمت وحاولت أن أغير من أوضاعي، إلا وأحسست وكأن شيئا ما يكبلني، ثم أعود إلى حالة الخمول.

الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ chamseddine حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

اطلعتُ على رسالتك، والذي أستطيع أن أستنبط منها: يتمثل في أن لديك نوعاً من قلق المخاوف، مع وجود اكتئاب ثانوي من الدرجة البسيطة.

هذا هو الذي أراه حسب ما هو متوفِّر ممَّا ذكرته في رسالتك، وقطعًا ظروفك المتعلقة بالتنشئة ربما تكون قد لعبت دورًا في هذا الأمر، لكن أريدك أن تكون شخصًا إيجابيًا، أريدك أن تثبت أنك بالفعل لديك المقدرة على التغيُّر الإيجابي، هذا مهم جدًّا أخِي الكريم، لأن الفكر السلبي والتشاؤم وتقليل قيمة الذات هي من أكبر العوائق النفسية.

كثيرًا ما نُجحف في حق أنفسنا من خلال تقييمنا السالب لها، نعم نحن لا ندعو لأن يُعظِّم الناس أنفسهم، أو يُزكُّوها بصورة خاطئة، ولا ندعو أبدًا لانتفاخ الذات كما يُحب أن يسميه علماء السلوك، أو الكِبر كما هو معروف في الشرع، الوسطية في التقييم مهمة، بشرط ألا تظلم نفسك ومقدراتك.

وأريدك – أخِي الكريم – أن تنطلق في الحياة، وأن تجعل لنفسك أهدافا، فالإنسان الذي لا هدف له لا حياة له، ومَن له هدف يستطيع أن يصل إليه -إن شاء الله تعالى- هذا مهم جدًّا.

فيا أخِي الكريم احرص على:

• التواصل الاجتماعي أساس في حياتنا، فابدأ به.
• حرصك على صلاة الجماعة في المسجد؛ سيكون أعظم نوعٍ من العلاج السلوكي الذي تُقدمه لنفسك، لأنك سوف تتفاعل مع أفضل الناس، وذلك بجانب -إن شاء الله تعالى- خيري الدنيا والآخرة.
• مشاركة الناس في مناسباتهم، هذا أيضًا أمرٌ عظيم.
• أن تُكثر من الاطلاع، وأن تُنمي من مخزونك الثقافي والمعرفي، ففيه فائدة كبيرة لك.
• الرفقة الصالحة الطيبة.
• صلة الرحم وزيارة الأقارب والجيران، وزيارة المرضى في المستشفيات.

هنالك الكثير والكثير الذي يمكن أن تقدمه لنفسك.

بالنسبة للعلاج الدوائي: أنا تركته آخر شيء، وكان استفسارك في الأصل حول الأدوية، حسب ما هو في صدر رسالتك، أقول لك: الدواء مهم وفاعل، لكن الذي يجب أن تعتمد عليه هو تغيير نمط الحياة، وجعلها حسب المسارات السلوكية التي حدَّثتَك عنها.

الدواء الذي سوف يساعدك ويفيدك حقيقة في الاسترخاء النفسي وتحسُّن المواجهات الاجتماعية هو العقار الذي يعرف تجاريًا باسم (ديروكسات Deroxat) ويعرف أيضًا تجاريًا باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، الجرعة المطلوبة في حالتك أن تبدأ بنصف حبة (عشرة مليجرامٍ) تتناولها ليلاً بعد الأكل لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك تجعلها حبة كاملة ليلاً، وتستمر عليها لمدة شهرين، ثم تجعلها حبتين يوميًا، يمكن أن تتناولها كجرعة واحدة ليلاً، أو بمعدل حبة صباحًا وحبة مساءً، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى حبة واحدة مساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

الدواء فاعل، ربما يؤدي إلى زيادة بسيطة في الوزن، لكن هذا يمكن أن تتحكَّم فيه من خلال ممارسة الرياضة، والتحكُّم في الطعام، كما أنه بالنسبة للمتزوجين ربما يؤخِّر القذف المنوي، لكنه لا يتعارض أبدًا مع الصحة الإنجابية للرجل.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.


via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1gWygss

تعليقات