دوافعي للنجاح والعمل في الحياة مؤقتة وتثبطني أحيانًا.. كيف أرفع همتي؟

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا مهندس مدني حديث التخرج، وصفت بالإهمال منذ الصف الأول، وأتذكر جيدًا عندما ﻻحظت المعلمة أني أهمل دفاتري وأتغيب عن الدراسة لأتفه الأسباب، وﻻ أبذل أدنى مجهود في الدراسة، ومع ذلك كانت علامتي عالية، هذه النظرة يتفق عليها جميع أساتذتي، ومن حولي حتى تخرجت من الكلية، لدرجة أن أصدقائي أصبحوا يقولون لي: "لقد استفدنا منك أكثر مما استفدت أنت من نفسك".

الحقيقة أني دائمًا أريد النجاح وليس لشيء في نفسي، لأني ﻻ أجد دافعًا قويًا يرتبط بي لأخرج طاقتي، ودائمًا ما كانت دوافعي للدراسة مؤقتة ومرتبطة بمرحلة ما أو بأشخاص حولي، كأن أثبت لشخص أحبه أنني جدير باﻻحترام، فإذا اكتشفت عيبًا فيه فقدت دافعي، أو أن أثبت ﻵخر بيني وبينه عداوة أنني أنجح، أو أفضل منه، حتى إذا نجحت واجهني سؤال مخيف هو ‏ماذا بعد ذلك؟ لقد تخرجت اﻵن، وﻻ أريد أن أبدأ حياتي العملية بتلك الدوافع.

كما أن المال والمناصب ﻻ تغريني؛ لأنها زائلة، وأتساءل لما ﻻ أعمل لأجني ما أحتاج من المال وأنصرف لعبادة الله؟ وأنا أعلم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته رضوان الله عليهم لم يكونوا من الأغنياء.

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زين العابدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في موقعك، ونسأل الله أن يحيي همتك ويوقظ عزيمتك، ويوفقك وينفع بك بلاده والعباد، وأن يرزقنا وإياك إخلاصًا نبلغ به المراد ويكون سببًا لنجاتنا يوم المعاد.

ولم أر في عيوب الناس عيبًا*** كنقص القادرين على التمام

ونحن لا نريد من وهبه الوهاب أن يتأخر، فانفض عن نفسك غبار الكسل وتوكل على الله عز وجل، وإذا عملت فاعمل لله فإنه ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انفصل وانقطع.

والمؤمن جاد ويعمل لدنياه كأنه يعيش أبدًا، ويعمل لآخرته كأنه يموت غدًا، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يوجهنا بقوله: (إذا قامت القيامة وبيد أحدكم فسيلة فاستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليفعل)، والزهد زهد الواجدين، والمسلم يعمل ويجتهد فإذا امتلات يديه من الدنيا لم يدخلها إلى قلبه، بل ظلت في يديه يصل منها رحمه، ويغني منها نفسه، ويقدم لآخرته.

وأنت الآن في مرحلة جديدة، والأسرة تنتظر منك العطاء، والأمة تتوقع منك البذل، والله يحب منك العمل والإخلاص فيه، والفلاح هو أن تقصد بعملك وجه الله، ثم تقصد نفع بلاده والعباد.

لا مكان للكسل وغدًا سوف يكون لك أطفال، ومنك سوف يتعلمون فاصعد بهم وبنفسك إلى ذرى المجد، وتذكر أن من لا يزيد في الحياة شيئًا كان زائدًا، وثقلا على الحياة والأحياء.

أما أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فكانوا فقراء، وما ضرهم وقد أدوا ما عليهم، ولم يكن فيهم الكسل ولكنها قسمة الوهاب، والسعيد هو من يؤدي ما عليه ويرضى بقسمة الله، وكان في أصحابه أغنياء، لكن الدنيا لم تتمكن من الدخول إلى قلوبهم العامرة بالإيمان، وواصلوا العمل حتى لقوا الله، وقد رضي عنه، ورضوا عنه.

وهذه وصيتنا لك: بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسأل الله أن يحيي همتك، وأن يغفر زلتك، وأن يلهمك السداد والرشاد.


via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1EABXcQ

تعليقات