السؤال:
أحيانا تأتيني أفكار أحس أن لها علاقة بالكفر والعياذ بالله، ليس لأني أقتنع بها، ولا أني أصارع نفسي كي أزيلها، فهي أفكار تافهة، ولا أحسب لها حسابا بالفكر، فمجرد أن تأتي -والحمد لله- يكون الجواب سريعا عليها بفضل الله، ولكن أنا لا أحس أنها من الشيطان -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- لكن أحس أنها من نفسي والله اعلم.
سؤالي: هل لهذه الحالة شيء في الأثر من الصحابة أو من السنة؟ أحيانا تأتي في بالي حال سيدنا ابراهيم عندما تفكر بالشمس والقمر، وعندما طلب اليقين في قصة الطيور والجبال، فهل يجوز لي أن أظن أن الأمرين متشابهان؟ أم أن هذه من وساوس الشيطان؟
ملاحظة: أحس أن الأفكار تأتي في الساعات التي يكون فيها الإيمان عندي مرتفعا والله أعلم.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى يثبتنا وإياك على الحق، وأن يصرف عنا وعنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن هناك أفكارا سلبية وشيطانية قد يكون مصدرها الشيطان، وهناك فعلاً أفكار ووساوس سلبية وشيطانية قد يكون مصدرها النفس، وأنت تقول بأنك تشعر بأنها ليست من الشيطان، ومما لا شك فيه أنك تستطيع أن تعرف ذلك بعلامة، وهذه العلامة هي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإن الإنسان إذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، أو ذكر الله تبارك وتعالى فإن الشيطان ينخنس أو ينصرف، كذلك إذا قرأ آية الكرسي أو شيئا من القرآن.
وفي هذه الحالة إذا كان الهاجس من الشيطان فأنت تحسُّ بأنه ينصرف، أو إذا انصرف عنك بمجرد هذه الأشياء فإذًا هو فعلاً مصدره من الشيطان، والشيطان كما لا يخفى عليك عدوٌ للإنسان عداوة قديمة منذ أبينا آدم –عليه السلام– عندما كان في الجنة، ولكن علاجه -ولله الحمد والمنة– سهل ميسور، لأن الشيطان –لعنه الله تعالى– يستعمل جميع الأسلحة الممكنة لإفساد الإنسان وإغوائه، وليس عنده حقيقة فرق ما بين سلاح تقليدي وسلاح غير تقليدي، فإنما يستعمل كل الوسائل المتاحة كما أقسم عندما قال: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين}.
النفس –كما تعلم– استعاذ منها النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما كان يُعلِّم الصحابي فقال: (اللهم اهدني رُشدي وقني شرَّ نفسي)، وكذلك أيضًا في خطبة الحاجة: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) وكذلك دعاؤه: (اللهم آتِ نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها).
إذًا هذه الاستعاذات تدل على أن النفس تعلب دورًا فعلاً في الغواية، وأحيانًا قد يكون دورها أشد من الشيطان، خاصة القوّادة التي تقود الشيطان إلى تحقيق ما يريد من إفساد إيمان صاحبها، لأن النفس هي العدو الأول والأقرب، فهي عدوك الذي بين جنبيك على مدار الساعة، أما الشيطان فيتردد عليك، فالشيطان عندما يريد أن يُفسد إيمان مؤمن فإنه يستعين بالنفس الأمارة بالسوء لتساعده في تحقيق ما يريد.
وتقول هذه الأفكار الحمد لله أنها تحت السيطرة، وأنه من فضل الله تعالى لا تحسب لها أي حساب، وأنها تذوب سريعًا، وهذه كلها تدل بفضل الله تعالى على عوامل خير ورحمة من الله تبارك وتعالى بك، من أنها لا تتمكن من نفسك، وإنما هي تنصرف عنك بسرعة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله مَنَّ عليك باليقين، ومَنَّ عليك باطمئنان القلب به سبحانه وتعالى، ومَنَّ عليك بفضله بمعرفة كيفية التخلص من هذه الهواجس.
تقول: هل هذا الأمر كان في أحد الصحابة وذكر في السنة؟ .. ورد أن بعض الصحابة اشتكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم يجدون شيئًا في نفوسهم، وأنهم يستحون أن يُحدِّثوا به أنفسهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أوَجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان).
وعلمنا النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما يأتي الشيطان ويقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ نقول: (أعلم أن الله على كل شيء قدير) وتحاول أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتُثني على الله تبارك وتعالى.
تقول: يأتي في بالك حال سيدنا إبراهيم –عليه السلام– عندما تفكر في الشمس والقمر وطلب اليقين في قصة الطيور؟ .. ليست قضية الشمس والقمر كانت من إبراهيم –عليه السلام– وإنما كان هذا نوع من الحوار والاستدراج، يعني كان يستدرج قومه ليُبيِّن لهم أن هذه الأشياء لا تضر ولا تنفع، وكان من باب المجاراة، ولكن ليست من باب الاعتقاد فيها أو أنها مرحلة تدرج في الإيمان، وإنما كان مجرد فقط حوار عقلي؛ لأنه أراد أن يُبيِّن لهم فساد ما هم عليه.
وقضية قصة الطيور والجبل عندما قال: {رب أرني كيف تُحي الموتى}: هذا أيضًا لم يكن أكثر من طلب دليل زائد على الإيمان، فالإيمان واليقين كان موجودًا، ولكن أراد معدلاً أكبر من الإيمان واليقين، وكون هذا الوسواس يأتيك، وأنت في حالات الإيمان المرتفع؛ فمعنى ذلك أن هذا من النفس التافهة التي تحاول قدر الاستطاعة أن تشوه صورتك، ومن الشيطان الذي يحاول أن يُلقي الشُّبه إلى قلبك.
أسأل الله أن يثبتك على الحق، وبالله التوفيق.
أحيانا تأتيني أفكار أحس أن لها علاقة بالكفر والعياذ بالله، ليس لأني أقتنع بها، ولا أني أصارع نفسي كي أزيلها، فهي أفكار تافهة، ولا أحسب لها حسابا بالفكر، فمجرد أن تأتي -والحمد لله- يكون الجواب سريعا عليها بفضل الله، ولكن أنا لا أحس أنها من الشيطان -أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- لكن أحس أنها من نفسي والله اعلم.
سؤالي: هل لهذه الحالة شيء في الأثر من الصحابة أو من السنة؟ أحيانا تأتي في بالي حال سيدنا ابراهيم عندما تفكر بالشمس والقمر، وعندما طلب اليقين في قصة الطيور والجبال، فهل يجوز لي أن أظن أن الأمرين متشابهان؟ أم أن هذه من وساوس الشيطان؟
ملاحظة: أحس أن الأفكار تأتي في الساعات التي يكون فيها الإيمان عندي مرتفعا والله أعلم.
وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى يثبتنا وإياك على الحق، وأن يصرف عنا وعنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإنه مما لا شك فيه أن هناك أفكارا سلبية وشيطانية قد يكون مصدرها الشيطان، وهناك فعلاً أفكار ووساوس سلبية وشيطانية قد يكون مصدرها النفس، وأنت تقول بأنك تشعر بأنها ليست من الشيطان، ومما لا شك فيه أنك تستطيع أن تعرف ذلك بعلامة، وهذه العلامة هي الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإن الإنسان إذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم، أو ذكر الله تبارك وتعالى فإن الشيطان ينخنس أو ينصرف، كذلك إذا قرأ آية الكرسي أو شيئا من القرآن.
وفي هذه الحالة إذا كان الهاجس من الشيطان فأنت تحسُّ بأنه ينصرف، أو إذا انصرف عنك بمجرد هذه الأشياء فإذًا هو فعلاً مصدره من الشيطان، والشيطان كما لا يخفى عليك عدوٌ للإنسان عداوة قديمة منذ أبينا آدم –عليه السلام– عندما كان في الجنة، ولكن علاجه -ولله الحمد والمنة– سهل ميسور، لأن الشيطان –لعنه الله تعالى– يستعمل جميع الأسلحة الممكنة لإفساد الإنسان وإغوائه، وليس عنده حقيقة فرق ما بين سلاح تقليدي وسلاح غير تقليدي، فإنما يستعمل كل الوسائل المتاحة كما أقسم عندما قال: {قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين * إلا عبادك منهم المخلصين}.
النفس –كما تعلم– استعاذ منها النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما كان يُعلِّم الصحابي فقال: (اللهم اهدني رُشدي وقني شرَّ نفسي)، وكذلك أيضًا في خطبة الحاجة: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) وكذلك دعاؤه: (اللهم آتِ نفسي تقواها وزكّها أنت خير من زكّاها).
إذًا هذه الاستعاذات تدل على أن النفس تعلب دورًا فعلاً في الغواية، وأحيانًا قد يكون دورها أشد من الشيطان، خاصة القوّادة التي تقود الشيطان إلى تحقيق ما يريد من إفساد إيمان صاحبها، لأن النفس هي العدو الأول والأقرب، فهي عدوك الذي بين جنبيك على مدار الساعة، أما الشيطان فيتردد عليك، فالشيطان عندما يريد أن يُفسد إيمان مؤمن فإنه يستعين بالنفس الأمارة بالسوء لتساعده في تحقيق ما يريد.
وتقول هذه الأفكار الحمد لله أنها تحت السيطرة، وأنه من فضل الله تعالى لا تحسب لها أي حساب، وأنها تذوب سريعًا، وهذه كلها تدل بفضل الله تعالى على عوامل خير ورحمة من الله تبارك وتعالى بك، من أنها لا تتمكن من نفسك، وإنما هي تنصرف عنك بسرعة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الله مَنَّ عليك باليقين، ومَنَّ عليك باطمئنان القلب به سبحانه وتعالى، ومَنَّ عليك بفضله بمعرفة كيفية التخلص من هذه الهواجس.
تقول: هل هذا الأمر كان في أحد الصحابة وذكر في السنة؟ .. ورد أن بعض الصحابة اشتكوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم يجدون شيئًا في نفوسهم، وأنهم يستحون أن يُحدِّثوا به أنفسهم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أوَجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان).
وعلمنا النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما يأتي الشيطان ويقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ نقول: (أعلم أن الله على كل شيء قدير) وتحاول أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وتُثني على الله تبارك وتعالى.
تقول: يأتي في بالك حال سيدنا إبراهيم –عليه السلام– عندما تفكر في الشمس والقمر وطلب اليقين في قصة الطيور؟ .. ليست قضية الشمس والقمر كانت من إبراهيم –عليه السلام– وإنما كان هذا نوع من الحوار والاستدراج، يعني كان يستدرج قومه ليُبيِّن لهم أن هذه الأشياء لا تضر ولا تنفع، وكان من باب المجاراة، ولكن ليست من باب الاعتقاد فيها أو أنها مرحلة تدرج في الإيمان، وإنما كان مجرد فقط حوار عقلي؛ لأنه أراد أن يُبيِّن لهم فساد ما هم عليه.
وقضية قصة الطيور والجبل عندما قال: {رب أرني كيف تُحي الموتى}: هذا أيضًا لم يكن أكثر من طلب دليل زائد على الإيمان، فالإيمان واليقين كان موجودًا، ولكن أراد معدلاً أكبر من الإيمان واليقين، وكون هذا الوسواس يأتيك، وأنت في حالات الإيمان المرتفع؛ فمعنى ذلك أن هذا من النفس التافهة التي تحاول قدر الاستطاعة أن تشوه صورتك، ومن الشيطان الذي يحاول أن يُلقي الشُّبه إلى قلبك.
أسأل الله أن يثبتك على الحق، وبالله التوفيق.
via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/13YJzdM
تعليقات
إرسال تعليق