أبي يظلمنا ويظلم أمي ويرمينا بالتهم الباطلة.. هل هذا سحر أم ماذا؟

السؤال:

السلام عليكم



أرجو منكم -أيها الأفاضل- إرشادي وتوجيهي والدعاء لي، فأبي -سامحه الله- يظلم أمي منذ زمن طويل، فهو دائمًا يؤذيها ويهينها أمام أولادها، ويرميها ويرمي أهلها ووالديها وأخاها المُتوفَّى بالباطل أمام أهلها؛ لتشويه صورتها.



مع العلم أن أمي شديدة الإيمان بالله، تحفظ القرآن الكريم وتتلوه تقوم الليل وصبورة، ودائمًا تدعو له بالهداية، وقدّمت تنازلات لإرضائه، وضمان أفضل حياة لأولادها.



لكن فوجئنا منذ مدة أن حالته ازدادت سوءًا، فأصبح يظلم أولاده بالرغم من كبر سنهم، بل ويرميهم ويرمي زوجاتهم بالتُّهم الباطلة، ويعادي كل الناس حتى أمه وأباه، فأصبح يحب الوحدة، ويمتنع عن الأكل بالرغم من محاولاتنا، فنحن لم نتركه وحيدًا أبدًا، وأصبح يطردنا من البيت، ويحب العزلة، وكلما ظل وحيدًا كلما تفرد به الشيطان، فتَشُوبُ الوساوس وسوء الظن في عقله، فتزداد حالته سوءًا.



أرجوكم أن توجهونا في أمره، فقد باتَتْ حياتنا حنظلًا، بالرغم من إيماننا القوي بالله -تعالى-، وأصبحنا نشكُّ أنه يعاني من سحر أو مس -عياذًا بالله-.



وشكرًا لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ abojihade حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



فمرحبًا بكم في موقعكم، ونشكر لكم الاهتمام بأمر الوالد، ونحيي الوالدة على صبرها، ونسأل الله أن يثبتها وأن يقر أعينكم بصلاح الوالد وهدايته، وأن يصلح أحوالكم وحالته.



نتمنى أن يجد الوالد منكم مزيدًا من الصبر والاهتمام؛ لأنه يشعر أنكم تلتفون حول الوالدة -وهي بلا شك أهل لكل خير-، ولكن الوالد يظل والدًا، من حقه أن يُشاوَر، وأن تحسنوا الاستماع إليه، ثم تفعلون ما يُرضي الله، ولا تتعمدوا مجادلته ومحاسبته والوقوف في وجهه؛ لأن هذا يزيد من عدائه للوالدة، ومن شدته عليكم.



لا يخفى على أمثالك أن الوالد في سنوات كبره بحاجة إلى مزيد من الصبر والاهتمام، ونتمنى أن تجد منكم الوالدة الدعم والتأييد والمساندة، ولن يضرّها شتم الوالد لها؛ لأنها تعرف مكانتها وعِزّها.



نحن ننصحكم بتفادي ما يثير غضب الوالد، وعليكم بالصبر عليه خاصة إذا غضب، وإذا لم تتحملوا الوالد، فمن الذي سوف يتحمله؟! وإذا تذكر الإنسان الأجر والثواب نسي ما يجد من الآلام.



نحن على ثقة أن الوالد سوف يتغير ويتحسّن إذا غيّرتم تعاملكم معه وأحسنتم الاستماع إليه، ولا مانع أن تفعلوا بعد ذلك ما يرضي الله، ثم ما يحقق المصلحة.



لا تُظهروا أمامه التضجر وعدم الرضا، ولا تشْكُوا منه أمام الناس، ولا تتركوه وحده، واعلموا أن حقه عظيم، وقد قال الله في حق والدٍ يأمر بالشرك: {...فلا تطعهما...}، ثم قال: {...وصاحبهما في الدنيا معروفًا...}، وهذه وصيتنا لكم، بالتقوى، ثم بالصبر والدعاء.



نسعد بدوام التواصل مع الموقع، ونتمنى مزيدًا من التوضيحات، خاصة في أسباب غضبه، وهل هو غاضب من الجميع؟ وهل علاقته ببناته أفضل.



نسأل الله أن يسعدكم بعافيته، وأن يكتب لكم رضاه، وأن يغفر لنا ولكم وله.

++++++++++++++++++++++++++++++++++

انتهت إجابة الدكتور أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية، وتليها إجابة الدكتور محمد عبد العليم، مستشار أول الطب النفسي وطب الإدمان:

++++++++++++++++++++++++++++++++++

هذه المشكلة التي عرضتَها هي مشكلة هامة، والذي يظهر لي أن هذا تطبع اجتماعي، وربما نفسي في ذات الوقت، ليس هنالك مشكلة مع والدتكم، لكن الإشكال الآن هو مع والدكم، وما دام الوالد بالصورة التي ذكرتها، فليست مشكلته نحو والدتكم هي المشكلة فقط، وإنما المشكلة الأخرى هي انعزاله وإحجامه عن مواصلة الناس، وحالة التشوُّش وسوء الظن التي يعيش فيها!، وهذه يجب أن تعالج ولا شك في ذلك.



أنا على ثقة تامة أن عرضك لهذه المشكلة نتجَ من أن تحملكم قد وصل لنهايته، وأنه لا بد من الإصلاح، ولا بد من أن يصحح المسار الأسري، وهذا -أيها الفاضل الكريم- يتمّ من خلال أن تتحدثوا مع أحد أقرباء الوالد أو أحد أصدقائه، مع من تثقون فيه ويثق فيهم الوالد، وفي سرية تامة وفي نطاق الأمر بالمعروف، تحدثوا إلى هذا العم، أو هذا الصديق، أو هذا القريب عن وضعية الوالد، وكلامكم يجب أن يكون بمصداقية تامة، وشاوره في الأمر، فإن استطاع أن يتحدث مع والدكم ويوجهه لما فيه خيركم جميعاً فهذا ربما يكون حلاً للمشكلة.



إن لم تنجح هذه الوسيلة فشاوروا هذا العم، أو الصديق الذي سوف يتحدث مع الوالد أنكم قد قررتم عرضه على خدمات الطب النفسي، وأن يُعرض على الخدمات الطبية النفسية لتقييم حالته والتأكد من سعته العقلية، ربما يكون الرجل من أصحاب الأعذار بمعنى أنه مريض، وفي هذه الحالة سوف تُتّخذ الإجراءات المطلوبة بعرضه على العلاج، وهذا -إن شاء الله تعالى- يكون سبباً في حل المشكلة، هذا هو المنحى الذي يجب أن تنتهجوه.



في ذات الوقت عليكم بالصبر، عليكم بالروية، عليكم ألا تخدشوا أبداً علاقة الوالديَّة معه، وألا يخرج أي تصرف عن نطاق البر به؛ لأن ذلك سوف يشعركم بالذنب، أي إذا ارتكب أي خطأ حتى وإن كان غير مقصود في حقهم، هذا هو الذي أراه.



بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1rzrRBR

تعليقات