تجارب في طفولتي سببت لي خوفا من الخروج من البيت، هل هذا مرض نفسي؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أولاً: أنا فتاة عمري 18 سنة.



ثانياً: سوف أطرح الأحداث التي حصلت لي، لما كنت في التاسعة من عمري ذهبت إلى السوق مع والدتي، وأمضينا وقتا طويلا في السوق، وعلى ما أظن أني كنت متعبة فحدث لي إغماء، وبذات العمر سافرنا في العيد لاجتماع العائلة في بيت جدي، فكانت كل العائلة مجتمعة، لكن أمي وأبي تركانا أنا وإخوتي عند بيت جدي وذهبا، بينما كنت ألعب أرسلتني إحدى عماتي للطابق الثاني لأنادي ابنتها، فذهبت وإذا بإحدى قريباتي فتاة كانت تبلغ 19 عاما، جاءت وقالت: لا بد أن تخافي مني. وضربتني على رأسي، قلت: لا، أنا أخاف من الله فقط. وكررت ذلك ثلاث مرات وأنا أرد عليها بذات الإجابة، فأخذت تضربني على وجهي وتشد شعري من دون أي سبب، وكانت تشد شعري لتدخلني في غرفة وتحبسني فيها، ولكن جاءت بنت عمتي ودفعتها عني وذهبت أركض، ولا أحد من أقاربي دافع عني وكلمها بل تركوها وكأن شيئا لم يحدث، وكنت أبكي بشدة، ولا أحد مسح دموعي، كلما تذكرت الموقف أبكي لا أعرف لماذا؟



ثالثا: أنا الآن أعاني من خوف من الذهاب إلى السوق أو العزائم، وخاصة العزائم التي أكون بمفردي دون أمي، أخاف أن يغمى علي وأخاف من الموت، لأني دائماً أحس بدوخة وتعب وإرهاق، أحس بأن جسمي ضعيف جداً، وتطور الأمر حتى صرت أخاف الذهاب إلى المدرسة وأن يحدث لي مثل ما حدث بالسابق، وصارت عندي اضطرابات في النوم بسبب القلق، وكنت أقدم الامتحانات الأخيرة وأنا أبكي. والآن أنا في أول سنة من الجامعة وسوف تبدأ بعد أسبوعين، وأنا جداً خائفة من الذهاب إليها، وأشعر بالخوف كلما تذكرتها، مع العلم أني لما أتوضأ للصلاة أعيد وضوئي ثلاث مرات أو أكثر، وأشك في صلاتي، ودائماً في عصبية زائدة ولا أتحمل أي شيء، وحساسة جداً فالكل يشتكي من حساسيتي، وأتعب من أقل مجهود، وأمتنع السفر مع أهلي لأني أخاف من السفر، وإذا سافرت فلا بد أن أمرض ولا أعلم لماذا؟



وأنا أمارس التمارين التي في موقعكم، التي أتخيل فيها ما يحدث لي بالعادة وأقاومه، ولكن لا أتأثر، وأنا لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي بسبب رفض أهلي، يقولون هذا شيء عادي لكن لا أستطيع التحمل، وأخاف أن يقل مستواي الدراسي، وما جعلني أكتب هذا إلا الدراسة، لأني أشعر وكأن أحدا يخنقني.



أفيدوني لو سمحتم بأقرب وقت، هل ما يحدث لي بسبب مشاكل نفسية أو جسدية؟ هذا ما أود أن أعرفه.



وشكراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



نشكرك على ثقتك في إسلام ويب.



حالتك – إن شاء الله تعالى – بسيطة جدًّا، وقد أوضحتها بتفاصيل جيدة. الذي حدث لك أن التجارب التي مرت بك وأنت صغيرة كان فيها الكثير من التخويف، لذا تجسدت وتم تثبيتها في كيانك الوجداني، ومن ثم ظهرت في شكل مخاوف في الوقت الحاضر.



الخوف من الذهاب إلى الأسواق والعزائم هذا نسميه برهاب الساحة، وهو نوع من الخوف المعروف، وهذا النوع من الخوف دائمًا يكون مصحوبًا بشيء من القلق، كذلك الوساوس، فكل الأعراض التي تحدثت عنها هي أعراض ما نسميه بـ (قلق المخاوف الوسواسي) وموضوع الوساوس في الصلاة وإعادة الوضوء هذه أيضًا تأتي تحت نطاق (قلق المخاوف) فحالتك حالة واحدة، هي (قلق المخاوف الوسواسي) وكما ذكرت لك التجربة السابقة في طفولتك أثرت عليك، لكن هذا لا يعني أن هذا الأمر سوف يستمر معك طوال المستقبل.



الخوف سلوك نفسي سلبي متعلَّم ناتج من تجارب، والمنطق السلوكي يقول أن أي شيء متعلَّم يمكن التخلص منه وإزالته من خلال التعلم المضاد، والتعلم المضاد المطلوب منك هو: أن تحقري فكرة الخوف، وأن تُصري على الخروج من المنزل مع الرفقة الآمنة، وأن تشاركي الناس في مناسباتهم، وأن تطوري مهاراتك الاجتماعية، في الفصل الدراسي دائمًا كوني في الصف الأول، شاركي أثناء الحصص، كوني قريبة من معلماتك، وانخرطي أيضًا في أي فعاليات اجتماعية داخل المدرسة. هذا هو الذي يفيدك - أيتها الفاضلة الكريمة -.



وبالنسبة لموضوع الوضوء، عليك أن تعزمي ألا تكرري وضوءك، وأنصحك أن لا تتوضئي من ماء الحنفية (الصنبور)، ضعي كمية من الماء في إبريق أو أي إناء، كمية قليلة من الماء تكفي للوضوء، وتوضئي بها، كرري هذا يوميًا لمدة سبعة أيام، وسوف تجدين أن وساوس الشك وتكرار الوضوء قد انتهت.



بالنسبة للعلاج الدوائي، أنت بالفعل في حاجة لعلاج دوائي، لكن أنا لا أفضل أبدًا أن تتناولي أي دواء دون إذن والديك، اشرحي لهما، ويمكن أن توضحي لهما تواصلك معنا هنا في إسلام ويب، وقد أوضحنا لك أنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسي، وقد وجهنا لك بعض الإرشاد السلوكي للتخلص من هذه الأفكار، لكن أيضًا الدواء ضروري، وهذه الحالات تستجيب بصورة ممتازة جدّا للدواء، وأفضل دواء هو عقار (زولفت) والذي يعرف علميًا باسم (سيرترالين).



حتى وإن لم يقتنع والداك بالذهاب معك إلى الطبيب النفسي، أعتقد أن طبيب الأسرة سيكون كافيًا جدًّا، معظم أطباء وطبيبات الأسرة الآن مدربين على هذه الحالات النفسية، وعقار (زولفت) متوفر في المملكة، وهو دواء سليم وفاعل ولا يُسبب أي إدمان، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية.



إذًا تحدثي مع والديك، وأنا على ثقة أنهما سوف يذهبان معك إلى الطبيب، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1Axj08p

تعليقات