السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأسأل الله أن يجزي بالأجر العظيم كل القائمين عليه، ومن يقومون بالرد على استشارات الناس، أود أن أطرح مشكلتي لعلي أجد عندكم النصح والكلمة الطيبة.
أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما، منذ فترة ليست بالبسيطة، قرابة السنتين أو أكثر وأنا أشعر بالوحدة الفظيعة، كأني وحدي في هذا العالم، أقضي كل وقتي وحدي وآكل وحدي، لا يوجد من أتكلم أو أضحك أو أحكي أو أفضفض له، أبحث بالتلفاز عما يؤنسني فقط.
لا أريد أن أتحدث عن عائلتي لأني لا أجد أي فائدة من الحديث بهذا، فلا علاقة بيني وبين أمي ولا جدوى من المحاولة، وعلاقتي بأخواتي مقطوعة، وأنا في الحقيقة لا أجد أن إصلاح العلاقات معهن سيحل مشكلتي، لأنه لا يوجد بيننا أي رابط غير الدم، وأخواتي لا يحبنني وينظرن لي بدونية، لا أحبهن وهن لئيمات وأنانيات ولا يعشن كأخوات، فلا أجد حماسا حتى أصلح تلك العلاقات، وأنا منذ أكثر من عشر سنوات لا تربطني بهن علاقة.
كل يوم أتخيل أن لدي أم جيدة تسمعني وتحن علي وتكون كصديقتي، وتلك التخيلات تقتلني؛ لأن هذه الأم موجودة بعالم الخيال ولا يمكن أن تكون أمي بيوم ما، وأتخيل أن لدي أخوات بمعنى الكلمة، نشكي ونحكي لبعضنا، ونكون معا بحيث لا تشعر أي واحدة منا بالوحدة، أقضي معظم وقتي بالتخيل وأتساءل لمَ لمْ أرزق بأي شيء يسعدني؟ لم أنا وحيدة؟
ومما زاد سوء نفسيتي أنه قبل سنة تعرفت في الجامعة على صديقة، وأصبحنا قريبتين، شدني لها أننا كنا نضحك ونغامر وهذا ما كنت أفتقده في حياتي، ولم يشدني لها أي شيء آخر، ولم تكن الصديقة التي أتمناها، ورغم ذلك قويت بيننا العلاقة، لكنني كنت أشعر أنها ليست صديقة وفية مخلصة، كنت أشعر أنها تمثيل وقناع، وأن تلك العلاقة كانت صداقة من منظوري أنا فقط، رغم أني كنت في قمة الإخلاص والصدق، لكنها لم تكن كذلك، كنت أشعر أنها كانت تتقرب مني حتى أرافقها إلى المطاعم والأماكن، وأنها تحادثني وقت فراغها وتمللها وحسب مزاجها، رغم أني كنت أدرك كل ذلك، لكنني تركت العلاقة تستمر وتقوى حتى تخرجنا، وانتقلت إلى مدينة أخرى مع أهلها، بعد انتقالها استمرينا بالمحادثات، وكان يجرحني جدا أنها كانت في يوم ما تحادثني بكل إخلاص وحب، وفي يوم آخر لا تحادثني أبدا حسب مزاجها، أدرك جيدا أنها في يوم ما ستتخلى عني وتقاطعني بدون سبب، ولكني لن أكون حزينة لذلك، لأنه ألا يكون الشيء موجودا خير من أن يكون كذبا وتمثيلا ومشاعر مزيفة.
الحقيقة أنني لم أتألم لشخصها، فهي لا تستحق، إنما الموقف ككل كان مؤلما لي، لأن صداقتها أتت في وقت عصيب، وكنت أشعر فيه بالوحدة، وحين بدأت تتخلى عني زاد ألمي وإحساسي بالوحدة، أتمنى الموت كل يوم، أشعر أني وحدي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والسلوى الوحيدة أملي بالله أن غدا أجمل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة والفضفضة إلينا بالرغم من صعوبة هذا الأمر، كان الله في عونك.
بصراحة آلمني سؤالك لأني شعرت أنك غير متقبلة لأحد، سواء في الأسرة أو خارجها، وعندي شبه شعور أكيد، وهذا ربما لبّ الموضوع، بأن لديك أيضا صعوبة في تقبل ذاتك ورضاك عنها وقناعتك بها، والغالب أن هذا الحال الذي أنت عليه إنما هو بسبب طريقة التربية وطبيعة حياة الطفولة التي عشتها مع أسرتك، وليس بسبب مرض في النفس أو ضعف في الشخصية، وإنما أنت نتيجة تجارب الحياة التي مررت بها، وهذا واضح جدا من خلال موقفك من أمك وأخواتك وأسرتك، فمن أين يمكن أن نُحدث التغيير؟
أعتقد أن هناك ثلاثة مجالات يمكنك العمل من خلالها، متوازنة معا:
الأول: وهو الأهم، أن تتصالحي مع نفسك! نعم تتصالحي مع نفسك، بأن تبدئي بتقبل هذه النفس وهذه الذات التي بين جنبيك، وكما هي، فقبول الشخص لذاته يعتبر من أساسيات الصحة النفسية للإنسان من أجل أن ينطلق في حياته، مع الحياة، ومع الآخرين.
حاولي أن تركزي على الإيجابيات الموجودة عندك، سواء من صفات شخصية منحها الله تعالى لك، أو من خلال الظروف والإمكانات التي سخّرها الله تعالى لك من أسرة وإمكانات مادية كثيرة، قال تعالى: {وإن تعدّوا نعمة الله لا تُحصوها}.
وثانيا: التصالح مع أسرتك، ولا يكفي أن نقول بأننا حاولنا معهم ولم ننجح، ولكن إذا لم ننجح بطريقة معينة، فعلينا أن نحاول بطريقة أخرى، فالتصالح مع الأسرة يعتبر من أساسيات الحياة الصحية السليمة.
وثالثا: ضرورة التواصل مع الآخرين في المجتمع من أقرباء وأصدقاء، فالإنسان بطبعة مخلوق اجتماعي، ومعك كل الحق أن تشعري بآلام العزلة والوحدة، ومن الطبيعي أن تشعري بأنك وحيدة في هذا العالم إذا كنت منعزلة عن الآخرين، فحاولي التقارب مع الآخرين، مع محاولة التغاضي عن بعض عيوبهم، فهل يوجد إنسان كامل؟!
وإذا صعب عليك السير في هذه الإصلاحات، فإني أنصحك بمراجعة أخصائية نفسية، فمن الأعمال الهامة التي تساعد عليها الأخصائية النفسية موضوع العلاقات الإنسانية، ولا شك أن حديثك معها سيعينك على تغيير هذا الحال الذي أنت عليه.
وفقك الله ويسّر لك الخير والفلاح.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع الرائع، وأسأل الله أن يجزي بالأجر العظيم كل القائمين عليه، ومن يقومون بالرد على استشارات الناس، أود أن أطرح مشكلتي لعلي أجد عندكم النصح والكلمة الطيبة.
أنا فتاة أبلغ من العمر 22 عاما، منذ فترة ليست بالبسيطة، قرابة السنتين أو أكثر وأنا أشعر بالوحدة الفظيعة، كأني وحدي في هذا العالم، أقضي كل وقتي وحدي وآكل وحدي، لا يوجد من أتكلم أو أضحك أو أحكي أو أفضفض له، أبحث بالتلفاز عما يؤنسني فقط.
لا أريد أن أتحدث عن عائلتي لأني لا أجد أي فائدة من الحديث بهذا، فلا علاقة بيني وبين أمي ولا جدوى من المحاولة، وعلاقتي بأخواتي مقطوعة، وأنا في الحقيقة لا أجد أن إصلاح العلاقات معهن سيحل مشكلتي، لأنه لا يوجد بيننا أي رابط غير الدم، وأخواتي لا يحبنني وينظرن لي بدونية، لا أحبهن وهن لئيمات وأنانيات ولا يعشن كأخوات، فلا أجد حماسا حتى أصلح تلك العلاقات، وأنا منذ أكثر من عشر سنوات لا تربطني بهن علاقة.
كل يوم أتخيل أن لدي أم جيدة تسمعني وتحن علي وتكون كصديقتي، وتلك التخيلات تقتلني؛ لأن هذه الأم موجودة بعالم الخيال ولا يمكن أن تكون أمي بيوم ما، وأتخيل أن لدي أخوات بمعنى الكلمة، نشكي ونحكي لبعضنا، ونكون معا بحيث لا تشعر أي واحدة منا بالوحدة، أقضي معظم وقتي بالتخيل وأتساءل لمَ لمْ أرزق بأي شيء يسعدني؟ لم أنا وحيدة؟
ومما زاد سوء نفسيتي أنه قبل سنة تعرفت في الجامعة على صديقة، وأصبحنا قريبتين، شدني لها أننا كنا نضحك ونغامر وهذا ما كنت أفتقده في حياتي، ولم يشدني لها أي شيء آخر، ولم تكن الصديقة التي أتمناها، ورغم ذلك قويت بيننا العلاقة، لكنني كنت أشعر أنها ليست صديقة وفية مخلصة، كنت أشعر أنها تمثيل وقناع، وأن تلك العلاقة كانت صداقة من منظوري أنا فقط، رغم أني كنت في قمة الإخلاص والصدق، لكنها لم تكن كذلك، كنت أشعر أنها كانت تتقرب مني حتى أرافقها إلى المطاعم والأماكن، وأنها تحادثني وقت فراغها وتمللها وحسب مزاجها، رغم أني كنت أدرك كل ذلك، لكنني تركت العلاقة تستمر وتقوى حتى تخرجنا، وانتقلت إلى مدينة أخرى مع أهلها، بعد انتقالها استمرينا بالمحادثات، وكان يجرحني جدا أنها كانت في يوم ما تحادثني بكل إخلاص وحب، وفي يوم آخر لا تحادثني أبدا حسب مزاجها، أدرك جيدا أنها في يوم ما ستتخلى عني وتقاطعني بدون سبب، ولكني لن أكون حزينة لذلك، لأنه ألا يكون الشيء موجودا خير من أن يكون كذبا وتمثيلا ومشاعر مزيفة.
الحقيقة أنني لم أتألم لشخصها، فهي لا تستحق، إنما الموقف ككل كان مؤلما لي، لأن صداقتها أتت في وقت عصيب، وكنت أشعر فيه بالوحدة، وحين بدأت تتخلى عني زاد ألمي وإحساسي بالوحدة، أتمنى الموت كل يوم، أشعر أني وحدي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والسلوى الوحيدة أملي بالله أن غدا أجمل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة والفضفضة إلينا بالرغم من صعوبة هذا الأمر، كان الله في عونك.
بصراحة آلمني سؤالك لأني شعرت أنك غير متقبلة لأحد، سواء في الأسرة أو خارجها، وعندي شبه شعور أكيد، وهذا ربما لبّ الموضوع، بأن لديك أيضا صعوبة في تقبل ذاتك ورضاك عنها وقناعتك بها، والغالب أن هذا الحال الذي أنت عليه إنما هو بسبب طريقة التربية وطبيعة حياة الطفولة التي عشتها مع أسرتك، وليس بسبب مرض في النفس أو ضعف في الشخصية، وإنما أنت نتيجة تجارب الحياة التي مررت بها، وهذا واضح جدا من خلال موقفك من أمك وأخواتك وأسرتك، فمن أين يمكن أن نُحدث التغيير؟
أعتقد أن هناك ثلاثة مجالات يمكنك العمل من خلالها، متوازنة معا:
الأول: وهو الأهم، أن تتصالحي مع نفسك! نعم تتصالحي مع نفسك، بأن تبدئي بتقبل هذه النفس وهذه الذات التي بين جنبيك، وكما هي، فقبول الشخص لذاته يعتبر من أساسيات الصحة النفسية للإنسان من أجل أن ينطلق في حياته، مع الحياة، ومع الآخرين.
حاولي أن تركزي على الإيجابيات الموجودة عندك، سواء من صفات شخصية منحها الله تعالى لك، أو من خلال الظروف والإمكانات التي سخّرها الله تعالى لك من أسرة وإمكانات مادية كثيرة، قال تعالى: {وإن تعدّوا نعمة الله لا تُحصوها}.
وثانيا: التصالح مع أسرتك، ولا يكفي أن نقول بأننا حاولنا معهم ولم ننجح، ولكن إذا لم ننجح بطريقة معينة، فعلينا أن نحاول بطريقة أخرى، فالتصالح مع الأسرة يعتبر من أساسيات الحياة الصحية السليمة.
وثالثا: ضرورة التواصل مع الآخرين في المجتمع من أقرباء وأصدقاء، فالإنسان بطبعة مخلوق اجتماعي، ومعك كل الحق أن تشعري بآلام العزلة والوحدة، ومن الطبيعي أن تشعري بأنك وحيدة في هذا العالم إذا كنت منعزلة عن الآخرين، فحاولي التقارب مع الآخرين، مع محاولة التغاضي عن بعض عيوبهم، فهل يوجد إنسان كامل؟!
وإذا صعب عليك السير في هذه الإصلاحات، فإني أنصحك بمراجعة أخصائية نفسية، فمن الأعمال الهامة التي تساعد عليها الأخصائية النفسية موضوع العلاقات الإنسانية، ولا شك أن حديثك معها سيعينك على تغيير هذا الحال الذي أنت عليه.
وفقك الله ويسّر لك الخير والفلاح.
via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1vJPxr6
تعليقات
إرسال تعليق