السؤال:
السلام عليكم
ترددت كثيرا في كتابة مشكلتي، خوفا من أن ينطبق علي حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في كفران العشير، أنا شابة متعلمة، تزوجت قبل سنة ولدي طفلة اﻵن، سكنت مع زوجي في مدينة بعيدة عن أهلي، منذ بداية زواجي صدمت كثيرا بشخصية زوجي الصعبة، وطبعه غير القابل للتغيير، وكانت الصدمة كافية لتملأني يأسا وإحباطا وحزنا عميقا، كذب علي في أيام الملكة كثيرا، وبعد الزواج قال لي وبالحرف الواحد: (أنا كاذب ﻻ تصدقيني).
كان مزاجيا عصبيا كثير الزعل، كل هذا يمكن أن يحتمل، ولكن ما يفوق قدرتي واحتمالي إهماله الشديد لي، من ثاني أيام الزواج وهو يخرج مع أصحابه بالساعات الطوال ويتركني وحدي، كنت أشعر بأنه يتأثر بكلام أصحابه، وإذا جاء أتى لينام أو ليشحن جواله، ويكون صامتا ﻻ يتحدث معي أبدا، وهو ليس طبعه الصمت، عند أهله ﻻ يسكت أبدا.
لم أشعر بأني عروس، ولم أر شهر عسل، تغير صوتي من كثرة الصمت والبكاء، كنت أجلس أكثر من نصف اليوم وحدي صامتة ﻻ أجد من يتحدث معي، وإذا طلبت منه الخروج للتنزه أو للمطاعم -كما يفعل العرسان- يرفض ويتحجج بأي شيء، وأنا أصمت وﻻ أناقشه، لم يخرج بي إﻻ مرتين للسوق، في الأعياد أو للمستشفى، حتى أهلي لم يدعني أزرهم إﻻ بعد أن توسطت لي أمه لديه، بالمناسبة أهله طيبون جدا ويحبونني كثيرا.
كنت أخجل عندما يذهب مع أصحابه للمطاعم والكوفيات ويتركني وحدي وأنا ﻻ زلت عروسا، وما يخجلني أكثر أني أسمع عن أخباره من الآخرين وﻻ أعرف عنه شيئا، حتى فيما يتعلق بعمله زوجات إخوانه يعرفن أكثر مني، وإذا حصل وأخبرني بشيء يخصه يكون كذبا، عندما أطلب منه مالا أو شراء شيء لي يرفض ويتحجج بأن ليس لديه المال وأنه مديون، وأنا للأمانة ﻻ أعلم هل هو صادق أم يكذب علي وهذا بخل منه؟ نعم، تخيل أني ﻻ أعرف صدقه من كذبه.
زارني والدي مرتين، وفي كل مرة يهرب زوجي من لقائه وﻻ يرد على تليفوناته، وﻻ أعرف لماذا يقوم بهذا التصرف الأرعن، لم يزرني والدي بعدها، لأنه لم يجد أي ترحيب أو إكرام، عندما أناقشه في شيء يقول لي: (هذا طبعي ولن يتغير، وإذا لم يعجبك اذهبي لأهلك).
قررت أن أطلب الطلاق فهذه الحياة ﻻ تحتمل، ولكني تفاجأت بحملي -والحمد لله-، فرح زوجي بالحمل كثيرا، أصبح حريصا على توفير الغذاء بالمنزل، هو في السابق أبدا ﻻ يحرص على ذلك، وﻻ يسمح لي بأن أحمل شيئا ثقيلا، ولكنه لا زال كما كان، حتى عندما ولدت لم يستشرني باسم الطفلة، رغم أنه يعلم مدى تعبي في حملها وولادتها، كان المفترض أن يكافئني ويتكرم علي بمشاورتي باسمها.
نسيت أن أخبركم أنه كثير السفر مع أصحابه ويتركني وحدي وﻻ تسألوني يسافر إلى أين، لأنني ﻻ أعرف وﻻ أسأله عن شيء لأنني لأكره إجاباته الكاذبة.
أقارن حياتي كثيرا بحياة الأخريات، وأتمنى أن يكون زوجي كريما وشهما وخلوقا كزوج بنت عمي، جوالي قديم وملابسي قليلة، وليس لدي ذهب، في حين أنه يركب سيارة فخمة ويشتري أحدث الجوالات، كنت فتاة مرحة تملؤني الطاقة الإيجابية، أما الآن تغيرت كثيرا، أصبحت نكدية وبائسة ومكتئبة.
كتبتها للشكوى فقط، وأعلم أنه ليس هناك حل، والحمد لله على كل حال.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما سألت عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:
أولا: شكر الله لك تدينك الظاهر في حديثك، وشكر الله لك تحملك لزوجك، ونسأل الله أن يهديه.
ثانيا: كنا نود حذف آخر سطر من سؤالك لأنه ليس منك بل قذفه الشيطان على قلبك ولسانك، حتى يوهمك بأن الأمر منته، وأن الحياة البائسة لا يمكن أن تتغير، وبذلك لا تستجيبي لأي نصح منا أو من غيرنا، لذلك ندعوك إلى حذف السطر الأخير (على الأقل من ذاكرتك).
ثالثا: إننا -أختنا الفاضلة- ندرك تماما ما ذكرته من معاناة، وندرك كذلك أن الهم والغم الذي أصابك هو ابتلاء من الله عز وجل، وننبه إلى هذا البلاء لا يخلو أحد منه، فالدنيا دار كدر وابتلاء، وقد قال الله تعالى: {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} لا بد من البلاء والفتن حتى يصبر أهل الحق، فيرفعهم الله إلى أعلى درجات الجنة، المهم أن تدركي –أختنا- أن طبيعة الحياة أنها مجبولة على الكدر والابتلاء، وأي زعم بأن بيتا خاليا من المشاكل هو قول نظري لا صلة له بالواقع، حتى بيت قريبتك التي تحدثت عنها، ما من بيت إلا وفيه هم أو غم أو مشاكل من أي نوع، تلك طبيعة الحياة التي أوجدنا الله فيها:
جبلت على كدر وأنت تريدها ،،، صفواً من الأقدار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ،،، متطلبٌ في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة ،،، والمرء بينهما خيال سار
وإذا رجوت المستحيل فإنما ،،، تبني الرجاء على شفير هار
فليس ثمة أحد في الحياة ناج من ذلك، لكن البلاء يتنوع من حال إلى حال، فمن الناس من يبتلى بالمرض، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يبتلى بالزوج، ومنهم من يبتلي بالتضييق عليه، المهم أن كل فرد يأخذ قدره من البلاء يعتقد أن بلاءه أكبر وأشد وأشق وأعظم بلاء، لكنه إذا رأى بعين الحقيقة عظم ما يقع فيه الناس لهان عليه مصابه، وهذا لا يعني –أختنا- أن نرضى بالألم وأن نستسلم للضرر دون تغيير، لا أبدا، بل عليك الاجتهاد في التغيير وعدم اليأس.
رابعا: لا تتمني أمرا لم تدركيه ولا تحزني على ما أصابك، ولا تنظري إلى الحياة على أنها سواد مطلق، هناك أمور جيدة ومن الأمور تلك طفلتك التي حباك الله به، كم من امرأة تتمنى أن تبيع كل شيء وأن تعيش لحظة أمومة ثم تموت، من الأمور الجيدة أن لك ربا تهرعين إليه، فكم من أناس أغلقوا هذا الباب عن أنفسهم؟ فلم يستطيعوا التنفس وأصيبوا بالهم الزائد والغم الدائم.
من الأمور الجيدة أن الله سيأجرك على كل ما قدمت، وستأخذين حسناتك من الله أضعاف ما بذلت من جهد، من الأمور الجيدة أنك لست في مكانه، فلست العاصية أو المستهترة أو النمامة أو المنطوية أو المفشية للأسرار، من الأمور الجيدة أنك لست الظالمة بل المظلومة، والمظلوم أختنا كما تعلمين نصيره الله، هذه أمور جيدة قد أخرجناها من الأسطر القليلة التي كتبتيها، ونحن على ثقة أن هناك أمورا أخرى تستحق أن تحمدي الله عليها.
خامسا: زوجك مبتلى وينبغي التعامل معه على أنه مريض، يحتاج إلى رعاية وعناية، وصلاحه –أختنا- أولى من فقده، نعم قد يحتاج هذا إلى جهد، وسيأتيك الشيطان ليخبرك أنه من المستحيل هدايته، هذا كلام فارغ، الهداية بيد الله، وعليك الجهد والاستعانة بمن يحترمهم زوجك أو يصاحبهم من ذوي العقول الحكيمة والدين المتين، أن يحدثوه وينصحوه دون كلل أو ملل .
سادسا: الرضا بقدر الله عز وجل والتسليم الكامل بذلك، وهذا من شأنه أن يَعْمُر الأمن والإيمان قلب المؤمن، فيعيش في غاية السعادة؛ وإن تضجر بقدر الله فإنه يعيش حياة البؤس والشقاء، واليأس والبكاء لا يردان شيئاً مما فات، وإنما التوجه إلى الله بالضراعة كما فعل أيوب -عليه السلام- والصبر على المكاره يزيل من النفوس الهم والغم.
قال الشاعر:
فَدَعْ مَا مَضى واصْبِرْ على حِكِمْةِ الْقَضَا ** فَلَيْسَ يَنَالُ الْمَرْءُ مَا فَـاتَ بِالْجُهْـدِ
سابعا: إن في دعاء أيوب -عليه السلام- ومُنَاجاته ربه آداب ينبغي أن نراعيها ونتعلمها، منها: أنه عرض حاله فقط على الله عز وجل وكأنه يقول: هذه هي حالي فإن كانت ترضيك هذه الآلام والأمراض التي تسري في أْوْصَالي، وهذه الآلام التي تؤرقني، إن كان يرضيك تجاهل زوجي وعدم اكتراثه بحال وضيق معيشتي، إن كان يرضيك هذا فلا شك أنه يرضيني، وإن كان عفوك وكرمك ورحمتك تقتضي أن ترحمني، وتزيل ما بي من بؤس وألم، فالأمر كله إليك، ولا حول ولا قوة إلا بك.
ثامنا : ما مضى –أختنا- أمور مهمة جدا لتحصينك من البؤس الذي أصابك والهم الذي اعتلاك، لأننا يهمنا الآن أنت، إذا أخذت الأمور على أنها حياة كدر وغم وهم، لا أنيس ولا جليس، وليس من حيلة إلا اليأس، لم يتغير الحال بل سيظل على ما هو عليه وربما يسوء، والأهم من هذا أنك أنت من ستتعبين ويزداد ألمك ولم تحصلي من الأجر شيئا.
تاسعا: من المعينات أن تتنظري بإيجابية إلي بعض الأشياء الحسنة في حياتك، فأنت مثلا لك أهل طيبون يحبونك ويحرصون عليك، وهذه نعمة كبير جدا، وكذلك أهل زوجك يحبونك، وكذلك لك بنت، وأنت قلبك بالله عامر، هذا ما لاحظناه في الرسالة، لكنا نريد منك أن تكتبي ورقة بنعم الله عليك، واجعليها في مكان آمن، كلما ضاقت بك الدنيا اقرئيها مرة أخرى، وستعلمين ساعتها فضلها.
عاشرا: نأتي بعد ذلك، أي بعد تحصين الجبهة النفسية لديك عن طريق هذه العلاجات، ننصحك بما يلي:
- لا تتوقعي أن زوجك لن يتغير أبدا، فإن الهداية بيد الله، وكم من فاسد صار أصلح الناس، وكم من رجل كان أبعد ما يكون عن الصلاح، فإذا هو يتعرض لموقف تتغير كل أحواله ويصير من أعبد الناس، وأحن الناس وأحرص الناس، لذلك لا تيأسي أبدا، فقد تحدثت أن تغيرا طرأ عليه بعد الحمل، ولو كان هذا التغير قليلا إلا أنه إشارة إلى أن التغيير ممكن وقائم.
كذلك لا تتوقعي أنك باتباعك النصائح الحالية سيتغير زوجك فجأة أو بين ساعة وضحاها، ووطني نفسك على أن الأمر يحتاج إلى صبر وجهد، وأنك مأجورة في ذلك وأنت تلتمسين الأجر من الله.
- أول ما ينبغي الاهتمام به أصحاب الزوج اعلمي أن لكل رجل أصحاب منهم الفسدة ومنها أهل الصلاح، المهم هو التعاون مع أهله طبعا في معرفة الصالحين والتحدث إليهم عن طريق وسيط آمن، ليزرعوا فيه تدريجيا حب الله عز وجل والخوف منه، فإنه إذا خاف الله خشي أن يظلم أحدا، هذا يكون عن طريق الأصدقاء.
- مراجعة جيدة للبيت، دائما اسألي نفسك ما الذي يحببه في البيت لأفعله ليقيم فيه؟ نظافته؟ عطر مرح في البيت؟ انعدام التكاليف المرهقة؟ ابحثي وستجدين بعض الأمور التي تجعل الدقائق الذي يجلسها يكون مسرورا فيها.
- لا بد من الحوار مع الزوج ولو لدقائق معدودة، لا يهم في البداية قلتها من كثرتها، ونرجو منك أن تبدئي أي حوار منك في وقت لطيف طبعا بالثناء عليه ومدحه بما فيه ولو بالقليل، فإن الرجل يحب المدح كثيرا ويدفعه ذلك إلى الاستماع.
- من المهم جدا أن تصل رسالة للزوج بأنه مقصر في حقك وحق ابنتك، وأنه آثم على التقصير في ذلك، لكن نود أن تكون هذه المعلومة عن طريق وسيط آمن غير مباشر كصديق، أو شيخ المسجد الذي يصلي فيه إذا أفرد خطبة للحديث عن حق الزوجة، ولا بأس أن يكون بالتنسيق معكم.
- اجتهدي أن توصلي له مشاعرك عن طريق كتاب تكتبينه له أو رسالة نصية، على أن تحمل مع العتاب بعض كلمات الود والمحبة.
وفي الجهة المقابلة -أختنا الفاضلة- اجتهدي أن تشغلي وقتك بما هو نافع ومفيد، فإن آفة الفراغ كبيرة، والفراغ كفيل بأن يضخم الخطأ القائم ليجعله مصيبة لا يمكن السكوت عنها أو تحملها، فمع إقرارنا بالخطأ إلا أن الامر لا ينبغي أن نحمله فوق طاقته، ونوصيك أن توجدي لنفسك صحبة صالحة من أهلك أو من رحمك أو من جيرانك، فإن هذا أدعى إلى شغل وقتك.
وفي الختام عليك بدعاء الله عز وجل أن يهدي زوجك، واعلمي أن الله قريب مجيب الدعاء، نسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن يصلح حالك وحال زوجك.
السلام عليكم
ترددت كثيرا في كتابة مشكلتي، خوفا من أن ينطبق علي حديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في كفران العشير، أنا شابة متعلمة، تزوجت قبل سنة ولدي طفلة اﻵن، سكنت مع زوجي في مدينة بعيدة عن أهلي، منذ بداية زواجي صدمت كثيرا بشخصية زوجي الصعبة، وطبعه غير القابل للتغيير، وكانت الصدمة كافية لتملأني يأسا وإحباطا وحزنا عميقا، كذب علي في أيام الملكة كثيرا، وبعد الزواج قال لي وبالحرف الواحد: (أنا كاذب ﻻ تصدقيني).
كان مزاجيا عصبيا كثير الزعل، كل هذا يمكن أن يحتمل، ولكن ما يفوق قدرتي واحتمالي إهماله الشديد لي، من ثاني أيام الزواج وهو يخرج مع أصحابه بالساعات الطوال ويتركني وحدي، كنت أشعر بأنه يتأثر بكلام أصحابه، وإذا جاء أتى لينام أو ليشحن جواله، ويكون صامتا ﻻ يتحدث معي أبدا، وهو ليس طبعه الصمت، عند أهله ﻻ يسكت أبدا.
لم أشعر بأني عروس، ولم أر شهر عسل، تغير صوتي من كثرة الصمت والبكاء، كنت أجلس أكثر من نصف اليوم وحدي صامتة ﻻ أجد من يتحدث معي، وإذا طلبت منه الخروج للتنزه أو للمطاعم -كما يفعل العرسان- يرفض ويتحجج بأي شيء، وأنا أصمت وﻻ أناقشه، لم يخرج بي إﻻ مرتين للسوق، في الأعياد أو للمستشفى، حتى أهلي لم يدعني أزرهم إﻻ بعد أن توسطت لي أمه لديه، بالمناسبة أهله طيبون جدا ويحبونني كثيرا.
كنت أخجل عندما يذهب مع أصحابه للمطاعم والكوفيات ويتركني وحدي وأنا ﻻ زلت عروسا، وما يخجلني أكثر أني أسمع عن أخباره من الآخرين وﻻ أعرف عنه شيئا، حتى فيما يتعلق بعمله زوجات إخوانه يعرفن أكثر مني، وإذا حصل وأخبرني بشيء يخصه يكون كذبا، عندما أطلب منه مالا أو شراء شيء لي يرفض ويتحجج بأن ليس لديه المال وأنه مديون، وأنا للأمانة ﻻ أعلم هل هو صادق أم يكذب علي وهذا بخل منه؟ نعم، تخيل أني ﻻ أعرف صدقه من كذبه.
زارني والدي مرتين، وفي كل مرة يهرب زوجي من لقائه وﻻ يرد على تليفوناته، وﻻ أعرف لماذا يقوم بهذا التصرف الأرعن، لم يزرني والدي بعدها، لأنه لم يجد أي ترحيب أو إكرام، عندما أناقشه في شيء يقول لي: (هذا طبعي ولن يتغير، وإذا لم يعجبك اذهبي لأهلك).
قررت أن أطلب الطلاق فهذه الحياة ﻻ تحتمل، ولكني تفاجأت بحملي -والحمد لله-، فرح زوجي بالحمل كثيرا، أصبح حريصا على توفير الغذاء بالمنزل، هو في السابق أبدا ﻻ يحرص على ذلك، وﻻ يسمح لي بأن أحمل شيئا ثقيلا، ولكنه لا زال كما كان، حتى عندما ولدت لم يستشرني باسم الطفلة، رغم أنه يعلم مدى تعبي في حملها وولادتها، كان المفترض أن يكافئني ويتكرم علي بمشاورتي باسمها.
نسيت أن أخبركم أنه كثير السفر مع أصحابه ويتركني وحدي وﻻ تسألوني يسافر إلى أين، لأنني ﻻ أعرف وﻻ أسأله عن شيء لأنني لأكره إجاباته الكاذبة.
أقارن حياتي كثيرا بحياة الأخريات، وأتمنى أن يكون زوجي كريما وشهما وخلوقا كزوج بنت عمي، جوالي قديم وملابسي قليلة، وليس لدي ذهب، في حين أنه يركب سيارة فخمة ويشتري أحدث الجوالات، كنت فتاة مرحة تملؤني الطاقة الإيجابية، أما الآن تغيرت كثيرا، أصبحت نكدية وبائسة ومكتئبة.
كتبتها للشكوى فقط، وأعلم أنه ليس هناك حل، والحمد لله على كل حال.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الفاضلة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبخصوص ما سألت عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال النقاط التالية:
أولا: شكر الله لك تدينك الظاهر في حديثك، وشكر الله لك تحملك لزوجك، ونسأل الله أن يهديه.
ثانيا: كنا نود حذف آخر سطر من سؤالك لأنه ليس منك بل قذفه الشيطان على قلبك ولسانك، حتى يوهمك بأن الأمر منته، وأن الحياة البائسة لا يمكن أن تتغير، وبذلك لا تستجيبي لأي نصح منا أو من غيرنا، لذلك ندعوك إلى حذف السطر الأخير (على الأقل من ذاكرتك).
ثالثا: إننا -أختنا الفاضلة- ندرك تماما ما ذكرته من معاناة، وندرك كذلك أن الهم والغم الذي أصابك هو ابتلاء من الله عز وجل، وننبه إلى هذا البلاء لا يخلو أحد منه، فالدنيا دار كدر وابتلاء، وقد قال الله تعالى: {الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} لا بد من البلاء والفتن حتى يصبر أهل الحق، فيرفعهم الله إلى أعلى درجات الجنة، المهم أن تدركي –أختنا- أن طبيعة الحياة أنها مجبولة على الكدر والابتلاء، وأي زعم بأن بيتا خاليا من المشاكل هو قول نظري لا صلة له بالواقع، حتى بيت قريبتك التي تحدثت عنها، ما من بيت إلا وفيه هم أو غم أو مشاكل من أي نوع، تلك طبيعة الحياة التي أوجدنا الله فيها:
جبلت على كدر وأنت تريدها ،،، صفواً من الأقدار والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها ،،، متطلبٌ في الماء جذوة نار
فالعيش نوم والمنية يقظة ،،، والمرء بينهما خيال سار
وإذا رجوت المستحيل فإنما ،،، تبني الرجاء على شفير هار
فليس ثمة أحد في الحياة ناج من ذلك، لكن البلاء يتنوع من حال إلى حال، فمن الناس من يبتلى بالمرض، ومنهم من يبتلى بالفقر، ومنهم من يبتلى بالزوج، ومنهم من يبتلي بالتضييق عليه، المهم أن كل فرد يأخذ قدره من البلاء يعتقد أن بلاءه أكبر وأشد وأشق وأعظم بلاء، لكنه إذا رأى بعين الحقيقة عظم ما يقع فيه الناس لهان عليه مصابه، وهذا لا يعني –أختنا- أن نرضى بالألم وأن نستسلم للضرر دون تغيير، لا أبدا، بل عليك الاجتهاد في التغيير وعدم اليأس.
رابعا: لا تتمني أمرا لم تدركيه ولا تحزني على ما أصابك، ولا تنظري إلى الحياة على أنها سواد مطلق، هناك أمور جيدة ومن الأمور تلك طفلتك التي حباك الله به، كم من امرأة تتمنى أن تبيع كل شيء وأن تعيش لحظة أمومة ثم تموت، من الأمور الجيدة أن لك ربا تهرعين إليه، فكم من أناس أغلقوا هذا الباب عن أنفسهم؟ فلم يستطيعوا التنفس وأصيبوا بالهم الزائد والغم الدائم.
من الأمور الجيدة أن الله سيأجرك على كل ما قدمت، وستأخذين حسناتك من الله أضعاف ما بذلت من جهد، من الأمور الجيدة أنك لست في مكانه، فلست العاصية أو المستهترة أو النمامة أو المنطوية أو المفشية للأسرار، من الأمور الجيدة أنك لست الظالمة بل المظلومة، والمظلوم أختنا كما تعلمين نصيره الله، هذه أمور جيدة قد أخرجناها من الأسطر القليلة التي كتبتيها، ونحن على ثقة أن هناك أمورا أخرى تستحق أن تحمدي الله عليها.
خامسا: زوجك مبتلى وينبغي التعامل معه على أنه مريض، يحتاج إلى رعاية وعناية، وصلاحه –أختنا- أولى من فقده، نعم قد يحتاج هذا إلى جهد، وسيأتيك الشيطان ليخبرك أنه من المستحيل هدايته، هذا كلام فارغ، الهداية بيد الله، وعليك الجهد والاستعانة بمن يحترمهم زوجك أو يصاحبهم من ذوي العقول الحكيمة والدين المتين، أن يحدثوه وينصحوه دون كلل أو ملل .
سادسا: الرضا بقدر الله عز وجل والتسليم الكامل بذلك، وهذا من شأنه أن يَعْمُر الأمن والإيمان قلب المؤمن، فيعيش في غاية السعادة؛ وإن تضجر بقدر الله فإنه يعيش حياة البؤس والشقاء، واليأس والبكاء لا يردان شيئاً مما فات، وإنما التوجه إلى الله بالضراعة كما فعل أيوب -عليه السلام- والصبر على المكاره يزيل من النفوس الهم والغم.
قال الشاعر:
فَدَعْ مَا مَضى واصْبِرْ على حِكِمْةِ الْقَضَا ** فَلَيْسَ يَنَالُ الْمَرْءُ مَا فَـاتَ بِالْجُهْـدِ
سابعا: إن في دعاء أيوب -عليه السلام- ومُنَاجاته ربه آداب ينبغي أن نراعيها ونتعلمها، منها: أنه عرض حاله فقط على الله عز وجل وكأنه يقول: هذه هي حالي فإن كانت ترضيك هذه الآلام والأمراض التي تسري في أْوْصَالي، وهذه الآلام التي تؤرقني، إن كان يرضيك تجاهل زوجي وعدم اكتراثه بحال وضيق معيشتي، إن كان يرضيك هذا فلا شك أنه يرضيني، وإن كان عفوك وكرمك ورحمتك تقتضي أن ترحمني، وتزيل ما بي من بؤس وألم، فالأمر كله إليك، ولا حول ولا قوة إلا بك.
ثامنا : ما مضى –أختنا- أمور مهمة جدا لتحصينك من البؤس الذي أصابك والهم الذي اعتلاك، لأننا يهمنا الآن أنت، إذا أخذت الأمور على أنها حياة كدر وغم وهم، لا أنيس ولا جليس، وليس من حيلة إلا اليأس، لم يتغير الحال بل سيظل على ما هو عليه وربما يسوء، والأهم من هذا أنك أنت من ستتعبين ويزداد ألمك ولم تحصلي من الأجر شيئا.
تاسعا: من المعينات أن تتنظري بإيجابية إلي بعض الأشياء الحسنة في حياتك، فأنت مثلا لك أهل طيبون يحبونك ويحرصون عليك، وهذه نعمة كبير جدا، وكذلك أهل زوجك يحبونك، وكذلك لك بنت، وأنت قلبك بالله عامر، هذا ما لاحظناه في الرسالة، لكنا نريد منك أن تكتبي ورقة بنعم الله عليك، واجعليها في مكان آمن، كلما ضاقت بك الدنيا اقرئيها مرة أخرى، وستعلمين ساعتها فضلها.
عاشرا: نأتي بعد ذلك، أي بعد تحصين الجبهة النفسية لديك عن طريق هذه العلاجات، ننصحك بما يلي:
- لا تتوقعي أن زوجك لن يتغير أبدا، فإن الهداية بيد الله، وكم من فاسد صار أصلح الناس، وكم من رجل كان أبعد ما يكون عن الصلاح، فإذا هو يتعرض لموقف تتغير كل أحواله ويصير من أعبد الناس، وأحن الناس وأحرص الناس، لذلك لا تيأسي أبدا، فقد تحدثت أن تغيرا طرأ عليه بعد الحمل، ولو كان هذا التغير قليلا إلا أنه إشارة إلى أن التغيير ممكن وقائم.
كذلك لا تتوقعي أنك باتباعك النصائح الحالية سيتغير زوجك فجأة أو بين ساعة وضحاها، ووطني نفسك على أن الأمر يحتاج إلى صبر وجهد، وأنك مأجورة في ذلك وأنت تلتمسين الأجر من الله.
- أول ما ينبغي الاهتمام به أصحاب الزوج اعلمي أن لكل رجل أصحاب منهم الفسدة ومنها أهل الصلاح، المهم هو التعاون مع أهله طبعا في معرفة الصالحين والتحدث إليهم عن طريق وسيط آمن، ليزرعوا فيه تدريجيا حب الله عز وجل والخوف منه، فإنه إذا خاف الله خشي أن يظلم أحدا، هذا يكون عن طريق الأصدقاء.
- مراجعة جيدة للبيت، دائما اسألي نفسك ما الذي يحببه في البيت لأفعله ليقيم فيه؟ نظافته؟ عطر مرح في البيت؟ انعدام التكاليف المرهقة؟ ابحثي وستجدين بعض الأمور التي تجعل الدقائق الذي يجلسها يكون مسرورا فيها.
- لا بد من الحوار مع الزوج ولو لدقائق معدودة، لا يهم في البداية قلتها من كثرتها، ونرجو منك أن تبدئي أي حوار منك في وقت لطيف طبعا بالثناء عليه ومدحه بما فيه ولو بالقليل، فإن الرجل يحب المدح كثيرا ويدفعه ذلك إلى الاستماع.
- من المهم جدا أن تصل رسالة للزوج بأنه مقصر في حقك وحق ابنتك، وأنه آثم على التقصير في ذلك، لكن نود أن تكون هذه المعلومة عن طريق وسيط آمن غير مباشر كصديق، أو شيخ المسجد الذي يصلي فيه إذا أفرد خطبة للحديث عن حق الزوجة، ولا بأس أن يكون بالتنسيق معكم.
- اجتهدي أن توصلي له مشاعرك عن طريق كتاب تكتبينه له أو رسالة نصية، على أن تحمل مع العتاب بعض كلمات الود والمحبة.
وفي الجهة المقابلة -أختنا الفاضلة- اجتهدي أن تشغلي وقتك بما هو نافع ومفيد، فإن آفة الفراغ كبيرة، والفراغ كفيل بأن يضخم الخطأ القائم ليجعله مصيبة لا يمكن السكوت عنها أو تحملها، فمع إقرارنا بالخطأ إلا أن الامر لا ينبغي أن نحمله فوق طاقته، ونوصيك أن توجدي لنفسك صحبة صالحة من أهلك أو من رحمك أو من جيرانك، فإن هذا أدعى إلى شغل وقتك.
وفي الختام عليك بدعاء الله عز وجل أن يهدي زوجك، واعلمي أن الله قريب مجيب الدعاء، نسأل الله أن يوفقك لكل خير وأن يصلح حالك وحال زوجك.
via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1qlZmul
تعليقات
إرسال تعليق