السؤال:
السلام عليكم..
أنا فتاة عمري 22 سنة من العراق، عشت حياة طبيعية في طفولتي، وأيضاً أنا متفوقة دراسياً، في عام 2003 بدأت الحرب في العراق، عشت الحرب بكل تفاصيلها إلى عام 2006، هاجرت مع عائلتي إلى سوريا، هناك أكملت دراستي الثانوية، ولكن مستواي العلمي لم يكن جيداً، بعد ذلك في 2009 هاجرت إلى إحدى الدول الأوروبية مع عائلتي، هنا بدأت معاناتي الحقيقية معاناة الغربة والفقر والذل والخوف من المستقبل المجهول، سكنت في مخيم للاجئين لمدة سنة كاملة، وبعدها انتقلت مع العائلة إلى العاصمة، واستقررنا هناك وعشنا على المساعدات الاجتماعية، بعدها تعلمت اللغة لمدة عامين، وبعدها حاولت أن أكمل دراستي في المجال الفني (الرسم) لكنني لم أستطع، كان كل تقديم طلب يقابله رفض، بعدها بعام آخر، حاولت وقدمت على مجال المعهد التقني للصيدلة لصناعة الأدوية، هذا جزء بسيط عن حياتي، أما مشكلتي الحقيقية الآن فهي:
• أعاني من خوف شديد وقت النوم ليلاً، أتذكر كل شيء عن الحرب والدمار والقتلى، وأخاف أيضاً من المستقبل المجهول وكثرة التفكير.
• شعرت بالحزن الشديد أثناء سفري من العراق إلى سوريا ومن ثم إلى ألمانيا، وأثناء فترة دراستي للغة في ألمانيا كنت أجد صعوبة جداً في تعلم اللغة، وكنت أسعى بكل طاقتي أن أدرس في أكاديمية الفنون الجميلة (حلم طفولتي) لكن جاءني رفض لأكثر من مرة، ومن ثَمّ تنازلت عن الحلم لأدرس في قسم تصميم الإعلانات، وأيضاً رفض، عشرات وعشرات المرات حاولت بعد تعلمي اللغة أن أدرس في المجالات الفنية، لكن مع الأسف لم أستطع، أضعت عامين من عمري في المحاولات، وبعدها قررت أن أدرس في أي مجال طبي، وكان المجال الوحيد المتاح لي هو الصيدلة، الآن 5 سنوات في ألمانيا والسنة القادمة 2015 -إن شاء لله- سوف أبدأ دراستي (قسم الصيدلة/ صناعة أدوية) لكن في هذه السنوات عانيت كثيرا، بكيت كثيرا، إلى الآن أشعر بالحزن والخوف من المستقبل، وعندما أتذكر تنازلي عن حلمي وطموحي أبكي لاإرادياً وأشعر بالندم.
• أعاني أيضاً من صعوبة الاندماج مع المجتمع الأوربي، عندما أكون في الصف الدراسي لا أتكلم كثيراً مع الطلاب، فقط وقت الحاجة، وأغلب كلامي مع المدرسين، وأشعر دائماً بالخجل من إمكانية اللغة عندي، مع العلم أنني أدرس كثيراً وأجيد اللغة بشكل ممتاز، أشعر وكأنني فاقدة الثقة في نفسي وأيضاً بتفاهتهم، كل شيء عندهم يضحك، وأشعر أنني أقوى وأتحدث اللغة بطلاقة، وأكثر جرأة عندما أتحدث مع أشخاص أجانب أوروبيين لا أعرفهم في الشارع.
أنا كثيرة الحزن والبكاء، حتى صار عندي سواد واضح تحت عيوني، ولدي عصبية زائدة، وصلت لدرجة أشعر بالرجفة في جسمي ورأسي أيضاً، ولم يبق عندي صبر، خائفة من حياتي ومستقبلي هنا، وأشعر بعدم الاستقرار دائماً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Samara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك طيبة وواضحة ومؤثرة جدًّا، نسأل الله -تعالى- لك حياة طيبة وهانئة مع أسرتك في مكان إقامتك.
التجربة التي مررت بها أنت وأسرتك لاشك أنها تجربة ليست بالسهلة، لكنها يمكن أن يُستفاد منها بالرغم ما ترينه من سلبيات، لكن هنالك جوانب إيجابية كثيرة فيها، هذا التنقل وفراق الوطن والعيش في مخيمات اللاجئين، بالرغم من قسوته، لكنه قطعًا يقوي من مهاراتك ومن صلابتك النفسية، ويعطيك القدرة على أن تتكون لديك دوافع نفسية قوية.
أيتها الفاضلة الكريمة: بعد كل المعاناة أنت الآن تتحدثين عن دراسة جامعية، في علوم الصيدلة، والباب أصبح أمامك مفتوحًا، إذًا أنت اكتسبت المهارة ولديك القدرة، وأصبحت لديك كل عوامل الاستقرار، والمجتمعات الأوروبية – كما هو في ألمانيا – فيها الكثير من الإيجابيات، اكتساب العلم، المهارة، الاستفادة من الفرص، وهذا أمر مهم وضروري جدًّا، أنت الآن في مرحلة البناء والتكوين الحقيقي، ما مضى قد مضى، وهي خبرة وعبرة ومهارة قد تم اكتسابها.
أيتها الفاضلة الكريمة: كل خطوة عشتها في حياتك منذ الحرب القاسية عام 2003، هذه جراحات أعتقد أنها طورت مهاراتك، أنا لا أقلل من شأن هذه التجربة، لكن فقط أريد أن ألفت نظرك بأنك الآن -الحمد لله تعالى- أصبح طريقك ممهدًا في الحياة، وأنت مثابرة، ولديك المقدرة، ولديك المعرفة، وأمامك الفرص لاستغلالها، يجب أن يكون هذا هو مستوى تفكيرك.
إحساسك بشيء من الخوف وعدم القدرة على التأقلم وتذكر أيام الحرب، هذه مشاعر إنسانية، لن تستطيعي منعها أبدًا، لكن انظري للمستقبل بأمل، برجاء، بثبات، ومن الواضح أنك قد اكتسبت أشياء كثيرة، تعلمت اللغة، التفاعل مع المجتمع، هذا موضوع يجب ألا يُزعجك، فالحمد لله تعالى المسلمين أعدادهم جيدة جدًّا في ألمانيا، والتواصل أصبح سهلاً، وأنا متأكد أنك سوف تظلين تحملين القيمة الحقيقية لوجودك، وهي الحفاظ على دينك، والتمسك بتلك الصورة الجميلة للفتاة المسلمة الراقية المتحضّرة، التي تبحث عن العلم والمعرفة، لتكون فيها فائدة لنفسها ولغيرها، هذا هو المنهج الذي يجب أن تنتهجيه حقيقة.
حقيقةً أنا لستُ خائفًا عليك أبدًا، بفضل الله -تعالى- أمورك سوف تتيسر، وتكون أفضل، الإيجابيات الآن في حياتك كثيرة وكثيرة جدًّا، وتطلعاتك تطلعات جميلة، ومقدراتك رائعة، فلا تخافي أبدًا، توكلي على الله، وإن اشدت عليك الأمور –أي الطاقات النفسية السلبية– لا مانع من أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة التي تحسن من مزاجك لفترة ليست بالطويلة، فأنت لا تحتاجين للدواء لفترة طويلة.
أسأل الله تعالى أن يُسدد خطاك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
السلام عليكم..
أنا فتاة عمري 22 سنة من العراق، عشت حياة طبيعية في طفولتي، وأيضاً أنا متفوقة دراسياً، في عام 2003 بدأت الحرب في العراق، عشت الحرب بكل تفاصيلها إلى عام 2006، هاجرت مع عائلتي إلى سوريا، هناك أكملت دراستي الثانوية، ولكن مستواي العلمي لم يكن جيداً، بعد ذلك في 2009 هاجرت إلى إحدى الدول الأوروبية مع عائلتي، هنا بدأت معاناتي الحقيقية معاناة الغربة والفقر والذل والخوف من المستقبل المجهول، سكنت في مخيم للاجئين لمدة سنة كاملة، وبعدها انتقلت مع العائلة إلى العاصمة، واستقررنا هناك وعشنا على المساعدات الاجتماعية، بعدها تعلمت اللغة لمدة عامين، وبعدها حاولت أن أكمل دراستي في المجال الفني (الرسم) لكنني لم أستطع، كان كل تقديم طلب يقابله رفض، بعدها بعام آخر، حاولت وقدمت على مجال المعهد التقني للصيدلة لصناعة الأدوية، هذا جزء بسيط عن حياتي، أما مشكلتي الحقيقية الآن فهي:
• أعاني من خوف شديد وقت النوم ليلاً، أتذكر كل شيء عن الحرب والدمار والقتلى، وأخاف أيضاً من المستقبل المجهول وكثرة التفكير.
• شعرت بالحزن الشديد أثناء سفري من العراق إلى سوريا ومن ثم إلى ألمانيا، وأثناء فترة دراستي للغة في ألمانيا كنت أجد صعوبة جداً في تعلم اللغة، وكنت أسعى بكل طاقتي أن أدرس في أكاديمية الفنون الجميلة (حلم طفولتي) لكن جاءني رفض لأكثر من مرة، ومن ثَمّ تنازلت عن الحلم لأدرس في قسم تصميم الإعلانات، وأيضاً رفض، عشرات وعشرات المرات حاولت بعد تعلمي اللغة أن أدرس في المجالات الفنية، لكن مع الأسف لم أستطع، أضعت عامين من عمري في المحاولات، وبعدها قررت أن أدرس في أي مجال طبي، وكان المجال الوحيد المتاح لي هو الصيدلة، الآن 5 سنوات في ألمانيا والسنة القادمة 2015 -إن شاء لله- سوف أبدأ دراستي (قسم الصيدلة/ صناعة أدوية) لكن في هذه السنوات عانيت كثيرا، بكيت كثيرا، إلى الآن أشعر بالحزن والخوف من المستقبل، وعندما أتذكر تنازلي عن حلمي وطموحي أبكي لاإرادياً وأشعر بالندم.
• أعاني أيضاً من صعوبة الاندماج مع المجتمع الأوربي، عندما أكون في الصف الدراسي لا أتكلم كثيراً مع الطلاب، فقط وقت الحاجة، وأغلب كلامي مع المدرسين، وأشعر دائماً بالخجل من إمكانية اللغة عندي، مع العلم أنني أدرس كثيراً وأجيد اللغة بشكل ممتاز، أشعر وكأنني فاقدة الثقة في نفسي وأيضاً بتفاهتهم، كل شيء عندهم يضحك، وأشعر أنني أقوى وأتحدث اللغة بطلاقة، وأكثر جرأة عندما أتحدث مع أشخاص أجانب أوروبيين لا أعرفهم في الشارع.
أنا كثيرة الحزن والبكاء، حتى صار عندي سواد واضح تحت عيوني، ولدي عصبية زائدة، وصلت لدرجة أشعر بالرجفة في جسمي ورأسي أيضاً، ولم يبق عندي صبر، خائفة من حياتي ومستقبلي هنا، وأشعر بعدم الاستقرار دائماً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Samara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
رسالتك طيبة وواضحة ومؤثرة جدًّا، نسأل الله -تعالى- لك حياة طيبة وهانئة مع أسرتك في مكان إقامتك.
التجربة التي مررت بها أنت وأسرتك لاشك أنها تجربة ليست بالسهلة، لكنها يمكن أن يُستفاد منها بالرغم ما ترينه من سلبيات، لكن هنالك جوانب إيجابية كثيرة فيها، هذا التنقل وفراق الوطن والعيش في مخيمات اللاجئين، بالرغم من قسوته، لكنه قطعًا يقوي من مهاراتك ومن صلابتك النفسية، ويعطيك القدرة على أن تتكون لديك دوافع نفسية قوية.
أيتها الفاضلة الكريمة: بعد كل المعاناة أنت الآن تتحدثين عن دراسة جامعية، في علوم الصيدلة، والباب أصبح أمامك مفتوحًا، إذًا أنت اكتسبت المهارة ولديك القدرة، وأصبحت لديك كل عوامل الاستقرار، والمجتمعات الأوروبية – كما هو في ألمانيا – فيها الكثير من الإيجابيات، اكتساب العلم، المهارة، الاستفادة من الفرص، وهذا أمر مهم وضروري جدًّا، أنت الآن في مرحلة البناء والتكوين الحقيقي، ما مضى قد مضى، وهي خبرة وعبرة ومهارة قد تم اكتسابها.
أيتها الفاضلة الكريمة: كل خطوة عشتها في حياتك منذ الحرب القاسية عام 2003، هذه جراحات أعتقد أنها طورت مهاراتك، أنا لا أقلل من شأن هذه التجربة، لكن فقط أريد أن ألفت نظرك بأنك الآن -الحمد لله تعالى- أصبح طريقك ممهدًا في الحياة، وأنت مثابرة، ولديك المقدرة، ولديك المعرفة، وأمامك الفرص لاستغلالها، يجب أن يكون هذا هو مستوى تفكيرك.
إحساسك بشيء من الخوف وعدم القدرة على التأقلم وتذكر أيام الحرب، هذه مشاعر إنسانية، لن تستطيعي منعها أبدًا، لكن انظري للمستقبل بأمل، برجاء، بثبات، ومن الواضح أنك قد اكتسبت أشياء كثيرة، تعلمت اللغة، التفاعل مع المجتمع، هذا موضوع يجب ألا يُزعجك، فالحمد لله تعالى المسلمين أعدادهم جيدة جدًّا في ألمانيا، والتواصل أصبح سهلاً، وأنا متأكد أنك سوف تظلين تحملين القيمة الحقيقية لوجودك، وهي الحفاظ على دينك، والتمسك بتلك الصورة الجميلة للفتاة المسلمة الراقية المتحضّرة، التي تبحث عن العلم والمعرفة، لتكون فيها فائدة لنفسها ولغيرها، هذا هو المنهج الذي يجب أن تنتهجيه حقيقة.
حقيقةً أنا لستُ خائفًا عليك أبدًا، بفضل الله -تعالى- أمورك سوف تتيسر، وتكون أفضل، الإيجابيات الآن في حياتك كثيرة وكثيرة جدًّا، وتطلعاتك تطلعات جميلة، ومقدراتك رائعة، فلا تخافي أبدًا، توكلي على الله، وإن اشدت عليك الأمور –أي الطاقات النفسية السلبية– لا مانع من أن تتناولي أحد الأدوية البسيطة التي تحسن من مزاجك لفترة ليست بالطويلة، فأنت لا تحتاجين للدواء لفترة طويلة.
أسأل الله تعالى أن يُسدد خطاك، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا.
via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://ift.tt/1bu9nvb
تعليقات
إرسال تعليق