زواجي ووظيفتي تتعسر.. هل هذا الأمر طبيعي أم أنه سحر وحسد؟

السؤال:

السلام عليكم



أنا فتاة عمري 25 عاما، -والحمد لله- على قدر من الجمال والعلم والتدين، يتقدم لخطبتي الكثيرين إلا أن الأمر لا يتم لسبب من الأسباب، إما بسبب عدم تقبلي للخاطبين، والشعور بعدم الارتياح، أو الانجذاب تجاه أحدهم في حال وافق الأهل، أو لسبب يحدث مع المتقدمين ويعتذرون في النهاية من القدوم ( حدث الاعتذار 3 مرات) حتى قبل القدوم، أو يحدث سبب ما لا تتم فيه القصة بأي طريقة.



في حال شعرت بالراحة والإعجاب بأحدهم تحدث أمور خارجة عن إرادتي ولا يتم الموضوع وتكرر هذا أكثر من مرة، وآخر مرة كانت قرابة اليومين، علما أنني كنت مخطوبة لشاب منذ عامين بضغط من الأهل إلا أنني لم أستطع الاستمرار في الخطبة لرفضي الشديد للخاطب، وعدم تقبلي له مع الضيق الشديد، وعدم الارتياح تجاهه مع قيامي بصلاة الاستخارة، وملازمتي لها وملازمة الدعاء في كل قصة من تلك القصص.



آخر قصة حدثت لي أن المتقدم أعجبت به، وهو كذلك إلا أنه اعتذر عن المجيء قبل يومين من موعد الزيارة، وفي الوقت الراهن تقدم لي شخصين أحدهما رأيته، ولم أستلطفه والآخر لم أراه بعد.



كما أن الأمور تتعسر علي من الناحية المهنية، فلقد تخرجت قبل قرابة أكثر من عام بمعدل عال جدا، إلا أنه حتى موضوع العمل متعسر، رغم أنني لم أترك بابا إلا طرقته، وقمت وكما أعتقد بإذن الله بالأخذ بالأسباب من جميع النواحي, وتعرض كذلك خيارات عديدة علي إلا أن إحداها لا يتم.



أنا الحمد لله متدينة، وحافظة لكتاب الله إلا أنني ابتعدت فترة الجامعة عن الله قليلا أي أحسست أن إيماني بالله ليس كما كان سابقا مع محافظتي على الصلوات، وعدم تركها رغم بعدي بالقلب والروح عن الله، إلا أنني أحاول العودة إلى الله، وأنا أفضل بكثير من السابق من ناحية الإيمان بالله، وعدت تقريبا كما كنت في السابق إيمانيا والحمد لله رب العالمين.



سؤالي: هل ما يحدث معي من تعسير في أمور حياتي سببه بعدي القلبي السابق عن الله وتقصيري في عبادته خلال فترة دراستي الجامعية، والله يريد أن يردني إليه؟ أم أن السبب هو سحر وحسد وما شابه؟ رغم أنني منذ سبعة أشهر لازمت الرقية الشرعية لمدة قريبة من الشهر، وكلما سنحت لي الفرصة أستمع إليها، أم أن الأمر طبيعي والله يدبر لي أمرا في عالم الغيب لم يحن الوقت لخروجه بعد؟ وأن هذا العسر ما هو إلا كما قال الله تعالى ( إن مع العسر يسرا).؟



أرجو إفادتي في الموضوع، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخت الفاضلة/ maya حفظها الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:



فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يثبتك على الحق، وأن يمُنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك، وأن يُكرمك ويعوضك خيرًا عمّا مر بك من هذه المشاكل التي أزعجتك، وأن يجعلك من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.



وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن الفرضيات الثلاثة التي وردت في سؤالك كلها واردة، بمعنى: لعل أن يكون سبب هذه الانتكاسات بُعدك عن الله تبارك وتعالى سابقًا، وتقصيرك في العبادة - هذا وارد - وقد يكون أيضًا كذلك سببه نوع من الاعتداء عليك من باب السحر أو الحسد أو المس أو العين، وقد يكون كذلك أيضًا أمرًا قدريًا شاء الله تبارك وتعالى أن يُمضيه في حياتك ليتحقق لك بعد ذلك من الخير ما لا يعلمه إلا الله تعالى.



والحمد لله أنك فاهمة وواعية ومدركة للأمر، وقد شخصتِ حالتك تشخيصًا دقيقًا، وأيضًا عرضتِ الاحتمالات التي لعل بسببها أن يكون قد حدث ما حدث، وما دمنا قد عرفنا الداء والدواء فأعتقد أن العلاج سيكون سهلاً ميسورًا بعون الله تعالى.



ولذلك بالنسبة للتقصير في الطاعة والعبادة: أنت -ولله الحمد والمنة- بدأت استعادة علاقتك مع الله تبارك وتعالى، وتحتاجين إلى الإكثار من الاستغفار والتوبة عن هذه الفترة التي مرت، ولا يخفى عليك أن مجرد الاستغفار هو عامل من عوامل قضاء الحوائج، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق فرجًا، ومن كل همٍّ مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب) ومولانا جل جلاله أخبرنا في القرآن الكريم بقوله: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يُرسل السماء عليكم مِدرارًا * ويُمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارًا}.



فالاستغفار من عوامل تغيير الواقع، ومن عوامل دفع البلاء، ومن عوامل زيادة الخير والأجر، هذا في حد ذاته معلوم.



وأما فيما يتعلق بقضية السحر أو المس أو العين أو الحسد أو ما شابه، فهذا أمر - كما ذكرت - لا أستبعده، وإن كنتُ أرى أنك مع استعمالك للرقية مما لا شك فيه لا بد أن يحدث نوع تغيير، إلا أن الذي حدث أن الأمر مع وجود الرقية أيضًا ما زال قائمًا، وما زال الناس ينصرفون عنك بدون إبداء أسباب مقنعة أو وجيهة، وما زلت ترفضين أيضًا أنت أشخاصًا دون أن يكون فيهم ما يستحق الرفض، اللهم إلا مجرد عدم الارتياح الظاهر لشخصٍ لمجرد رؤيته أو الحديث إليه.



لذا أقول بأن الرقية في حاجة إلى دعم، قد يكون المجهود الذي يُبذل منك ليس في مستوى التحدي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم ضرب لنا مثلاً بذلك: (ما يزال القضاء والدعاء يعتلجان ما بين الأرض والسماء) فأيهما غلب تحقق، معنى ذلك أن الدعاء عندما يدعو العبد يلقى القضاء بين الأرض والسماء، فتدور هناك أشبه ما يكون بالمعركة، فإذا كان الدعاء قويًّا وصادقًا دفع البلاء والقضاء بالكلية، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يرد القضاء إلا الدعاء) وإذا كانا متساويين ظل القضاء معلقًا حتى تأتي دعوة أخرى فيُرفع القضاء أو قد ينزل، وإذا كان البلاء أو القضاء أقوى فإنه ينزل ولكنه ينزل مخففًا.



إذاً هذا هو، فقد تكون الرقية موجودة، ولكن مفعولها أقل من مفعول السحر، ما الحل؟ الحل أن نستعين بعد الله تبارك وتعالى ببعض الرقاة الثقات المشهورين بسلامة المعتقد وصحة العبادة، وكذلك أيضًا سُنّية الطريقة، بمعنى أنهم لا يسلكون مسالك غير مشروعة في العلاج، فهذا مطلوب، قد يكون الذي فعلته هو أقصى ما يمكن أن تفعلينه في مجال العلاج، وقد يكون دورك محدودًا، أما الراقي مما لا شك فيه أن لديه خبرة كافية، وأنه قد يستطيع أن يتعامل مع الحالة بصورة أفضل منك، وفوق ذلك قد يكون أيضًا إيمانه وعلاقته بالله تبارك وتعالى أقوى.



فعليك بالاستعانة بعد الله تبارك وتعالى بأحد الرقاة الشرعيين الثقات، كما أوصيك بالمحافظة على أذكار ما بعد الصلوات، وكذلك المحافظة على أذكار الصباح والمساء، خاصة كذلك التهليلات المائة (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير) مائة مرة صباحًا ومثلها مساءً، كذلك تكرار آية الكرسي كثيرًا، وخواتيم سورة البقرة، فإن من قالها ليلاً أو نهارًا كفتاه، كذلك المعوذات وسورة الإخلاص، والاجتهاد في أن تكوني على طهارة معظم الوقت، والمحافظة أيضًا على أذكار النوم والاستيقاظ، فلا تنامين إلا بعد أذكار النوم مع الوضوء؛ لأن هذا كله مما يدفع البلاء عنك بإذن الله تبارك وتعالى .



وإذا كان الأمر من الفرضية الثالثة وهو أن هذا هو قضاء الله وقدره، فنحن نعلم أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، ولذلك هذا كلام النبي - صلى الله عليه وسلم – حيث قال: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء) فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يغيّر الله واقعك سواء أكان ذلك فيما يتعلق بالزوج، أو فيما يتعلق بالعمل، وأن يقدر لك الخير حيث ما كان، وأن يرزقك الرضا به، وإنا لندعو الله لك بذلك، إنه جواد كريم.



هذا وبالله التوفيق.





via موقع الاستشارات - إسلام ويب http://www.islamweb.net/consult/index.php?page=Details&id=2191233

تعليقات