الحكمة من نزول القرآن مفرقاً؟

أجمع أهل العلم من أمة الإسلام على أن القرآن الكريم نزل من السماء الدنيا على قلب خاتم المرسلين صلى الله عليه وسلم مفرَّقاً على فترات، استغرقت أكثر من عشرين عاماً. وكان من وراء نزول القرآن مفرقاً على رسول الله مقاصدُ وحِكَمٌ
فإن من المقاصد المهمة التي لأجلها نزل القرآن مفرقاً الدلالة على الإعجاز البياني التشريعي للقرآن الكريم، وذلك أن القرآن نزل على فترات متقطعة قد تطول وقد

تقصر، ومع ذلك فنحن لم نجد اختلافاً في أسلوب بيانه، ولا خللاً في نسق نظمه، بل هو على وزان واحد من أول آية فيه إلى آخر آية منه، وهذا من أهم الدلائل على أن هذا القرآن لم يكن من عند البشر بل هو تنـزيل من رب العالمين، قال تعالى: { كتاب أُحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } (هود:1) وقال سبحانه في حق كتابه: { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنـزيل من حكيم حميد } (42) .

ومن المفيد أن نشير في نهاية المطاف إلى أن أغلب أهل العلم - المتقدمين منهم خاصة - يستعملون مصطلح "التنجيم" للدلالة على أن القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفرقاً، وأنه لم ينزل جملة واحدة.

ولا شك أن لنـزول القرآن مفرقاً، وعلى فترات متفرقة مقاصد أخرى غير ما أتينا عليه في مقالنا، ذكرها المفسرون في مواضع متعددة من تفاسيرهم، وخاصة عند تفسير قوله تعالى: { لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا } (الفرقان:32) وإنما اقتصرنا هنا على أهمها .

تعليقات